للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمرَّ فساد هذا الشأن مشهورًا١ ظاهرًا, فينبغي٢ أن يستوحش من الأخذ عن كل أحد إلّا أن تقوى لغته وتشيع فصاحته. وقد قال الفرَّاء في بعض كلامه: إلّا أن تسمع شيئًا من بدوي فصيح فتقوله. وسمعت الشجري أبا عبد الله غير دفعة يفتح الحرف الحلقي في نحو: "يعدو"٣ و"هو محموم" ولم أسمعها٤ من غيره من عُقَيل, فقد كان يرد علينا منهم من يؤنس به ولا يبعد عن الأخذ بلغته. وما أظن الشجري إلّا استهواه كثرة٥ ما جاء عنهم من تحريك الحرف٦ الحلقي بالفتح إذا انفتح ما قبله في الاسم على مذهب البغداديين؛ نحو قول كُثَيِّر:

له نَعَل لا تطبّي الكلب ريحها ... وإن جُعِلَت وسط المجالس شُمَّتِ٧

وقول أبي النجم:

وجبلًا طال معدًا فاشمخرَّ ... أشمّ لا يسطِيعه الناس الدّهر٨


١ خبر كان في قوله: "فكان ما يروى".
٢ جواب الشرط في قوله: "فإن كانوا قد رووا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلًا إلخ".
٣ كذا في أ. وفي ب، ش، ج: "يغدر" وهو يوافق ما في اللسان في "نعل". وقد أورد القصة المؤلف في المحتسب عند الكلام على قوله تعالى في سورة آل عمران: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} قال: "وسمعت الشجري يقول في بعض كلامه: أنا محموم -بفتح الحاء. وقال مرة وقد رسم له الطبيب أن يمص التفاح ويرمي بثغله فقال: إني لأبغي مصَّه وعليته تغذو" فإن كان ما هنا "يغدو، أو يعدو" صحيحًا فقد يجوز أن يكون سمع منه ابن جني كل هذا.
٤ في م: "اسمعهما".
٥ في م: "أكثر".
٦ كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "حرف".
٧ "جعلت" كذا في أصول الخصائص. وفي اللسان "نعل": "وضعت" وأطباه: دعاه واستماله، يريد أنها من جلد مدبوغ، فلا يطمع فيها الكلب، وذلك أن الكلب إذا ظفربجلد غير مدبوغ أكله لما فيه من فضلة اللحم. والبيت من قصيدة في مرئية عبد العزيز بن مروان، يصفه برقة نعله وطيب ريحها. وانظر الديوان ٢/ ١١٢.
٨ قبله: إن لبكر عدد إلّا يحتفر. وانظر المنصف نسخة التيمورية ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>