للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدم على أن واضع عليها وهذا المعنى من عند الله سبحانه لا محالة. فإذا كان ذلك محتملًا غير مستنكر سقط الاستدلال به. وقد كان أبو علي رحمه الله أيضًا قال١ به في بعض كلامه. وهذا أيضًا رأي أبي الحسن على أنه٢ لم يمنع قول من قال: إنها تواضع منه ٣. على أنه قد فسر هذا بأن قيل: إن الله سبحانه علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات: العربية والفارسية والسريانية والعبرية والرومية وغير ذلك من سائر اللغات فكان آدم وولده يتكلمون بها ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات فغلبت عليه واضمحل عنه ما سواها لبعد عهدهم بها.

وإذا كان الخبر الصحيح قد ورد بهذا وجب تلقيه باعتقاده والانطواء على القول به.

فإن قيل: فاللغة فيها أسماء وأفعال وحروف وليس يجوز أن يكلم المعلم من ذلك الأسماء دون غيرها: مما ليس بأسماء فكيف خص الأسماء وحدها؟ قيل: اعتمد٤ ذلك من حيث كانت الأسماء أقوى القبل٥ الثلاثة ولا بد لكل كلام مفيد من الاسم وقد تستغني الجملة المستقلة عن كل واحد من الحرف


١ أي بالقول بالتواضع والاصطلاح.
٢ أي أبا الحسن، هو الأخفش، وحاصل هذا أن أبا علي وأبا الحسن قالا بالرايين، وقد صرح بهذا في ج ففيها بعد ذكر القولين: "وكلا الأمرين أجازه أبو الحسن وأبو علي". والتوقيف رأي الأشعري، والاصطلاح رأي المعتزلة.
٣ كأن الضمير يعود على آدم، وقد سبق ذكره في قوله "أقدر آدم على أن وضاع عليها".
٤ ضبط بالبناء للفاعل، أي اعتمد ذلك الله تعالى، وقد اعتمدت في هذا الضبط على ما في المخصص ص٤ ج١.
٥ واحده قبيل، وهو الجماعة، كأن كل نوع من أنواع الكلمة جماعة وطائفة. وفي عبارة المخصص: "الأنواع".

<<  <  ج: ص:  >  >>