للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه، فيكون إذا حذف من بعضها شيء ثم وجد ذلك المحذوف في صاحبه كان كأنه فيه, وأمثلة الفعل إذا حذف من أحدها شيء ثم وجد ذلك المحذوف في صاحبه صار كأنه في المحذوف منه نفسه، فكأن لم يحذف منه شيء.

فإن قلت: فقد نجد بعض ما حذف في الأسماء موجودًا في الأفعال من معناها ولفظها, وذلك نحو قولهم في الخبر: أخوت عشرة, وأبوت عشرة, وأنشدنا أبو علي عن الرياشيّ:

وبِشرةُ يأبونا كأنّ خباءنا ... جَنَاحُ سُمَاني في السماء تطير١

وقالوا أيضًا: يديت٢ إليه يدًا وأيديت, ودميت تدمى دميّ, وغدوت عليه, وفهت بالشيء وتفوهت به. فقد استعملت الأفعال٣ من هذه الكلم كما استعملت فيما أوردته.

قيل: وهذا أيضًا ساقط عنَّا وذلك أنا إنما قلنا: إن هذه المثل من الأفعال تجري مجرى المثال الواحد؛ لقيام بعضها قيام٤ بعض, واشتراكها في اللفظ. وليس كذلك أب وأخ ونحوهما, ألا ترى أن أب ليس بمثال من أمثلة الفعل, ولا باسم فاعل, ولا مصدر, ولا مفعول, فيكون رجوع المحذوف منه في أبوت كأنه موجود في أب, وإنما أب من أبوت كَمُدُقّ٥ ومكحلة من دقَقَت وكَحَلت. وكذلك القول في أخٍ ويدٍ ودمٍ, وبقية تلك الأسماء. فهذا فرق.


١ "يأبونا" كذا في ج، وهو يوافق ما جاء في اللسان "بشر". وفي أ: "تأتونا" وهو تحريف, وفي ب: "تأبونا" وهذا صحيح إذا كان "بشرة" من أعلام النساء، وفي القاموس "بشر": "وبشرة -بالكسر: جارية عون بن عبد الله، وفرس ماوية بن قيس".
٢ أي: أسديت إليه نعمة.
٣ كذا في أ، ب، ج. وفي ش: "الأمثال".
٤ كذا في أ، ب، ش، وفي ج: "مقام".
٥ يريد أنها أسماء صبغت لمعانيها ابتداءً ولم تؤخذ كما تؤخذ أسماء الآلة. وانظر الكتاب ٢/ ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>