للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-على١ قول من أجاز الحذف في الصحيح لضربٍ من الصنعة- مثل قولك: "محويّ" لقلت "مضريّ" فحذفت الياء من "ضرب" كما حذفت لام "محيّا". أفلا تراك كيف أحلت بالصنعة لفظ "ضرب" إلى لفظ "مضر" فصار "مضريّ" كأنه منسوب إلى "مضر".

وكذلك لو بنيت مثل قولهم في النسب إلى تحيّة ٢: "تحويّ" من نزف أو نشف أو نحو ذلك لقلت: تَنَفِيّ. وذلك أن "تحية" تفعلة, وأصلها "تحيية" كالتسوية والتجزئة, فلما نسبت إليها حذفت أشبه حرفيها بالزائد وهو العين, أعني: الياء الأولى, فكما تقول في "عصية وقضية" عصويّ وقضويّ, قلت أيضًا في تحية "تحويّ" فوزن لفظ "تحويّ" الآن "تفليّ" فإذا أردت مثل٣ ذلك من نزف ونشف، قلت "تنفي" ومثالها "تفلي", إلّا أنه مع هذا خرج إلى لفظ الإضافة إلى تنوفة إذا قلت "تنفيّ" كقول العرب في الإضافة إلى "شنوءة": شنئيّ. أفلا ترى إلى الصنعة كيف تحيل لفظًا إلى لفظ, وأصلًا إلى أصل.

وهذا ونحوه إنما الغرض فيه الرياضة به٤, وتدرب الفكر بتجشمه, وإصلاح الطبع لما يعرض في معناه وعلى سمته. فأمّا لأن يستعمل في الكلام "مضريّ" من "ضرب"، و"تنفي" من "نزف" فلا. ولو كان لا يخاض في علم من العلوم إلّا بما لا بُدَّ٥ له من وقوع مسائله معينة محصلة لم يتم علم على وجهٍ ولبقي مبهوتًا٦ بلا لحظٍ٧


١ الحذف في هذه الصيغة للتمرين جائز عند أبي علي أستاذ المؤلف. وانظر الكتاب السابق ٣/ ٢٩٦.
٢ انظر في النسب إلى تحية شرح الرضي للشافية ٢/ ٣١.
٣ يريد أن تأخذ كلمة من هذين الفعلين على تفعله، فنقول: تنزفة وتنشقة, ثم تنسب إليهما على حذف العين فتقول: تنفي فيهما.
٤ كذا في أ. وسقط في ب، ش.
٥ كذا في ش، ب. وسقط في أ.
٦ كذا في أ، ب. وفي ش، هـ: "مهوتًا". يريد بالميهوت المرتجل لذي لم يدير ولم يرو فيه، من قولهم: بهته، أخذه بغتة.
٧ كذا في أ. وفي ش،: "لحظة وفي د: "لحظه".

<<  <  ج: ص:  >  >>