للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع. وسألت أبا عليّ -رحمه الله- فقلت: لو أردنا فُعْلات مما عينه ياء لا نريد بها أن تكون جارية على فِعْلة كتينة وتينات١؟ فقال: أقول على هذا الشرط: تونات, وأجراها لبعدها عن الطرف مُجرى واو عُوطَطٍ٢.

ومن ذلك أن تبنى من غَزَوت مثل إصبُع بضم الباء فتقول: إغزٍ. وكذلك إن أردت مثل إصبع, قلت أيضًا: إغز. فيستوي لفظ إفعُل ولفظ إفْعِل. وذلك أنك تبدل من الضمة قبل الواو كسرة فتقلبها ياء، فيستوي حينئذ لفظها ولفظ إفِعل. وإِصْبُع، وإن كانت مستكَرهة لخروجك من كسر إلى ضم بناء لازمًا، محكية؛ تروى عن متقدمي٣ أصحابنا.

وما يخرج إلى لفظ واحد عن أصلين مختلفين كثير, لكن هذا مذهبه وطريقه فاعرفه وقسه.

ومن ذلك قولك في جمع تعزية وتعزوة٤ جميعًا: تَعَازٍ "وكذلك اللفظ بمصدر تعازَينا أي: عَزَّى بعضًنا بعضًا: تعاز"٥ يا فتى. فهذه تفاعُل كتضارُب وتحاسد, وأصلها تعازوٌ ثم تعازِى ثم تعازٍ. فأما٦ "تعازٍ" في الجمع فأصل عينها الكسر كتتافِل وتناضِب، جمع تتفُل٧ وتَنْضُبٍ٨. ونظائره كثيرة.


١ جواب لو محذوف، أي: فماذا يقال؟
٢ العوطط: ألا تلقَّح الناقة فتسمن لذلك، وهو اسم في معنى المصدر لقولم: عاطت الناقة تعيط. يريد أن الواو في عوطط مبدلة من الياء، ولم يقل: هيطط كما قيل بيض؛ لبعد الباء عن الطرق فلم تشبه بيضًا وإنما أشبهت موقنًا. الكتاب ٢/ ٣٧٧. وكذلك ما نحت فيه، وهو فعلات من التين على ألا يكون هذا جمعًا جاريًا على واجد بل يكون بناء مرتجلًا.
٣ انظر ص٧٠ في الجزء الأول من هذا الكتاب.
٤ هي اسم للعزاء: كما حكاه المصنف عن أبي زيد. والواو هنا مبدلة من الياء لمكان الضمة قبلها؛ كما قالوا: الفتوة. وانظر اللسان "عزا".
٥ ثبت ما بين القوسين في أ، وسقط في ش، ب.
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "وأما".
٧ هو ولد الثعلب.
٨ هو شجر بنبت بالمجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>