للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر إلى قوة تصوّر الخليل إلى أن هجم به الظنّ على اليقين, فهو المعني١ بقوله:

الألمعيّ الذيب يظنُّ بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا

وإذا كان ما قدمناه من أن العرب لا تكسر فَعَلة على أفعال مذهبًا لها, فواجب أن يكون "أفلاء" من قوله ٢:

مثلها يخرج النصيحة للقو ... م فلاةً من دونها أفلاء

تكسير "فلا" الذي هو جمع فلاة لا جمعًا لفلاةٍ؛ إذ كانت فَعَلة. وعلى هذا فينبغي٣ أيضًا أن يكون قوله ٤:

كأن متنيه من النفيّ ... مواقع الطير على الصفيّ

إنما هو تكسير صفَا الذي هو جمع صفاة؛ إذ كانت فعلة لا تكسر على فعول, إنما ذلك فعلة كبدرة وبدور ومأنة٥ ومئون. أو فَعَل كطلل وطلول, وأسد وأسود. وقد ترى بهذا أيضًا مشابهة فعلة لفعل في تكسيرهما جميعًا على فعول.

ومن ذلك قولهم في الزكام: آرضه الله, وأملأه, وأضأده. وقالوا ٦: هي الضؤدة والملأة، والأرض. والصنعة في ذلك أن "فُعْلا" قد عاقبت٧ "فَعَلا" على الموضع الواحد نحو: المعُجْم والعَجَم, والعُرْب والعَرَب, والشُغْل والشَغَل،


١ يريد أنه يصح أن يعني بهذا البيت تمثلًا, وهو من قصيدة لأوس بن حجر في رثاء فضالة بن كلدة الأسدي مطلعها:
أيتها النفس أجملي جزعًا ... إن الذي تحذرين قد وقعا
وانظر ذيل الأمالي ٣٤ طبعة دار الكتب المصرية.
٢ أي: الحارث بن حلزة. وهو من معلقته التي مطلعها:
آذنتنا ببيتها أسماء ... رب ثاوٍ يمل منه الثواء
٣ كذا في أ. وفي ش، ب "ينبغي".
٤ نسبة في اللسان في نفس إلى الأخيل، والنفي: ما تطاير من الرشاش على ظهر المائح شبه الماء وقد رفع على متن الساقي بذرق الطائر. وانظر اللسان في نفي، والأمالي ٢/ ٣٤، وابن بري في شواهد الإيضاح ٨١.
٥ هي من اللحم السرة وما حولها, وقيل: هي شحمة نص الصدر.
٦ كذا في ش، ب. وفي أ "في".
٧ انظر في هذه المعاقبة ص١٠٢ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>