للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشمّه إليه، وليس من خبائث الأرواح فيعرض عنه، وينحرف١ إلى شق غيره، ألا ترى إلى قوله٢:

ولو أن ركبًا يمموك لقادهم ... نسيمك حتى يستدل بك الركب٣

وكذا تجد٤ أيضًا معنى المسك, وذلك أنه "فعل" من أمسكت الشيء كأنه لطيب رائحته يمسك الحاسة عليه ولا يعدل بها صاحبها عنه. ومنه عندي قولهم للجلد: "المسك" هو فعل من هذا الموضع, ألا ترى أنه يمسك٥ ما تحته من جسم الإنسان وغيره من الحيوان. ولولا الجلد لم يتماسك ما في الجسم من اللحم والشحم والدم وبقية الأمشاج وغيرها.

فقولهم إذا: مسك يلاقي معناه معنى الصوار, وإن كانا من أصلين مختلفين، وبناءين متباينين: أحدهما "م س ك " والآخر "ص ور " , كما أن الخليقة من "خ ل ق " والسجية من "س ج و " والطبيعة من "ط ب ع " والنحيتة من "ن ح ت " والغريزة من "غ ر ز " والسليقة من "س ل ق " والضريبة من "ض ر ب " والسجيحة من "س ج ح " والسرجوجة والسرجيجة من "س ر ج " والنجار من "ن ج ر " والمرن من "م ر ن ". فالأصول مختلفة, والأمثلة متعادية٦، والمعاني مع٧ ذينك متلاقية.

ومن ذلك قولهم: صبيّ وصبية, وطفل وطفلة, وغلام وجارية, وكله للين والانجذاب وترك الشدة والاعتياص. وذلك أن صبيًّا من صبوت إلى الشيء إذا


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "ينحرف".
٢ البيت لأبي العتاهية. وانظر الوساطة طبع الحلبي ٣١٦.
٣ "يمموك" كذا في أوفي ش، ب، ج: "أمموك", وقوله: "بك" كذا في الأصول. والمناسب: "به" كما في الوساطة.
٤ كذا في أ. وفي ب: "نجد".
٥ انظر ص٣٦، من مقدمة هذا الكتاب.
٦ أي: متباينة من قولهم: تعادى مابين القوم: تباعد، أو من قولهم: تعادى المكان: تفاوت ولم يستو.
٧ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>