للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ونحوه من خصائص هذه اللغة الشريفة اللطيفة. وإنما يسمع الناس هذه الألفاظ فتكون الفائدة عندهم منها إنما هي علم١ معنياتها. فأما كيف, ومن أين, فهو ما نحن عليه. وأحج به أن يكون عند كثير منهم نيفًا٢ لا يحتاج إليه, وفضلًا غيره أولى منه.

ومن ذلك أيضًا قالوا: ناقة كما قالوا٣: جمل. وقالوا "ما بها"٤ دبيج كما قالوا: تناسل عليه الوشاء٥. والتقاء معانيهما٦ أن الناقة كانت عندهم مما يتحسنون به ويتباهون بملكه فهي فعلة من من قولهم: تنوقت في ىالشيء إذا أحكمته وتخيرته, قال ذو الرمة:

. . . . . . . . . . . . تنوقت ... به حضرميات الأكف الحوائك٧

وعلى هذا قالوا: "جمل" لأن هذا "فَعَل" من الجمال؛ كما أن تلك "فَعَلة" من تنوقت -وأجود اللغتين تأنّقت, قال الله سبحانه: {لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} ٨. وقولهم: "ما بها دبيج" هو "فِعْيل" من لفظ الديباج ومعناه. وذلك أن الناس بهم العمارة وحسن الآثار, وعلى أيديهم يتم الأنس وطيب الديار. ولذلك قيل لهم: ناس لأنه في الأصل أناس, فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال. فهو فعال من الأنس قال ٩:

أناس لا يملُّون المنايا ... إذا دارت رحى الحرب الزبُون


١ ثبت لهذا اللفظ في أوسقط في سائر الأصول. وقوله: "معنياتها" في م: "معانيها".
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "نفيًا" والوجه ما أثبت. والنيف: الفضل والزيادة.
٣ كذا في ش، ب. وفي أ "قيل".
٤ كذا في ش، ب، وسقط في أ.
٥ هو في الأصل كثرة المال, أي: الإبل والنعم. ويراد به هما المال نفسه.
٦ كذا في أ. أي: معنى النافة ومعنى الجمل. وفي ب: "معانيها".
٧ انظر ١٢٣ من الجزء الأول من هذا الكتاب.
٨ آية: ٦ سورة النحل.
٩ أي: أبو الغول الطهوي، وانظر الحماسة بشرح التبريزي طبعة بن ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>