للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غربته العُلا على كثرة النا ... س فأضحى في الأقربين جنيبا١

فليطُل عمره فلو مات في مَرْ ... ومقيمًا بها لمات غريبا

وقول شاعرنا:

أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني ... ولا أعاتبه صفحًا وإهوانا

وهكذا كنت في أهلي وفي وطني ... إن النفيس عزيز٢ حيثما كانا

ويدلك٣ على أنهم قد تصوَّروا هذا الموضع من امتزاجه بتراب معدنه أنهم إذا صفّوه وهذَّبوه أخذوا له اسمًا من ذلك المعنى فقالوا له: الخلاص والإبريز والعقيان. فالخلاص فَعال من تخلّص, والإبريز إفعيل من برز يبرز, والعقيان فعلان من عقى الصبي يعقي, وهو أول ما ينجيه٤ عند سقوطه من بطن أمه قبل أن يأكل وهو العقي. فقيل له ذلك لبروزه كما قيل له البراز.

فالتأتّي٥ والتلطّف في جميع هذه الأشياء وضمها وملاءمة ذات بينها هو "خاص اللغة"٦ وسرها، وطلاوتها٧ الرائقة وجوهرها, فأما حفظها ساذجة وقمشها٨ محطوبة٩ هرجة١٠ فنعوذ بالله منه، ونرغب بما آتاناه سبحانه عنه.


١ جنيبًا أي: غريبًا. والبيتان من قصيدة يمدح بها أبا سعيد محمد بن يوسف الثغري. وفي نسخ الخصائص "الناس", وفي الديوان "الأهل".
٢ كذا في نسخ الخصائص وفي الديوان "غريب".
٣ هذا عود للحديث عن التبر, فالأسماء الآتية للذهب.
٤ أي: يخرجه من دبره.
٥ كذا في أ. وفي ش، ب: "فالتأني".
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "خاص آمر اللغة".
٧ كذا في أ. وفي ش، ب: "طلاتها".
٨ يقال: قمش الشيء: جمعه من ههنا وههنا من غير تحرٍّ للجهد.
٩ من حطب الحطب: جمعه، ومن أمثالهم: هو كحاطب ليل: لا يبالي ما أخذ. وهو كذلك في أ. وفي ش، ب: "مخطوطة".
١٠ يقال هرج البعير: سدر من شدة الحر وكثرة الطلاء بالقطران، فكأنه يريد أن تكون ضعيفة. وفي اللغة الهرج -بكسر الهاء وسكون الراء- الضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>