للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا النحو, وهذه الصنعة المادة الواحدة تتقلّب على ضروب التقلب كان غريبًا معجبًا. فكيف به وهو يكاد يساوق الاشتقاق الأصغر ويجاريه إلى المدى الأبعد.

وقد رسمتُ لك منه رسمًا فاحتذه١، وتقيّله٢ تحظ به، وتكثر إعظام هذه اللغة الكريمة من أجله. نعم, وتسترفده في بعض الحاجة إليه فيعينك ويأخذ بيديك, ألا ترى أن أبا علي -رحمه الله- كان يقوِّي كون لام "أثفية" فيمن جعلها "أفعولة" واوًا بقولهم: جاء يثفه, ويقول: "هذا"٣ من الواو لا محالة كيعِده. فيرجَّح٤ بذلك الواو على الياء التي ساوقتها في يثفوه ويثفيه, أفلا تراه كيف استعان على لام ثفا بفاء وثف. وإنما ذلك لأنها مادّة واحدة شُكِّلت على صور مختلفة, فكأنها لفظة واحدة. وقلت مرة للمتنبئ: أراك تستعمل في شعرك ذا وتا وذي كثيرًا, ففكر شيئًا ثم قال: إن هذا الشعر لم يعمل كله في وقت واحد. فقلت له: أجل لكن٥ المادة واحدة. فأمسك البتة. والشيء يذكر لنظيره, فإن المعاني وإن اختلفت معنياتها آوية إلى مضجع غير مقضّ, وآخذ بعضها برقاب بعض.


١ كذا في ش، ب. وفي أ: "فأخذه".
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "تقبله"، وتقيله: تبعه وترسَّمه من قولهم: تقبل فلان أباه, إذا نزع إليه في الشبه.
٣ كذا في أ. وسقط في ش، ب.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ: "فترجح".
٥ كذا في أ. وفي سائر الأصول "إلّا أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>