للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التقريب قولهم: الحمُدُ لله, والحمِدِ لله.

ومنه١ تقريب الحرف من الحرف, نحو قولهم في نحو مَصْدر: مَزْدر, وفي التصدير: التزدير. وعليه قول العرب في المثل "لم يُحْرَمْ منْ فُزْد لَهُ " ٢ أصله فُصِدَ له, ثم أسكنت العين على قولهم في ضُرِب: ضُرْبَ وقوله:

ونفخوا في مدائنهم فطاروا٣

فصار تقديره: فُصْدله, فما سكنت الصاد فضعِّفت به وجاورت الصاد -وهو مهموسة- الدال -وهي مجهورة- قربت منها بأن أشمت شيئًا من لفظ الزاي المقاربة للدال بالجهر.

ونحو من ذلك قولهم: مررت بمذعور وابن بور ٤: فهذا نحو من قيل وغيض لفاظًا, وإن اختلفا٥ طريقًا.

ومن ذلك إضعاف الحركة لتقرب بذلك من السكون نحو: حيِي وأُحْيِى وأُعيي, فهو -وإن كان مخفي- "بوزنه محركًا"٦, وشاهد ذاك قبول وزن الشعر له قبوله للمتحرك البتة. وذلك قوله:

أأن زم أجمال وفارق جيرة٧


١ كذا في ش، ب. وفي أ: "منها".
٢ يقال فصد العزق، شقه فاستخرج ما فيه من الدم. وقال في القاموس في شأن هذا المثل: بات رجلان عند أعرابي فالتقها صباحا، فسأل أحدهما صاحبه عن القرى، فقال: ما قريت وإنما فصدلي. قال: "لم يحرم من فزد له"..
٣ مصدره:
ألم يخز التفرق جند كسرى
والبيت للقطامي. وانظر الديوان ٨٤.
٤ الذي أنبته سيبويه في باب الإمالة: ابن نور بالنون. والمراد إشمام الضمة شيئا من الكسر لكسر الراء.
٥ يريد أن لغة الإشمام في قيل -وهو الإتيان بحركة الفاء بين الضم والكسر- كالإشمام في ابن مذهور، ولكن طريق الإشمامين مختلف؛ فطريق الإشمام في قبل هو مراعاة ضم الفاء ومراعاة الياءن وطريق الإشمام في ابن مذعور مراعاة كسر الراء.
٦ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "بزنته متحركا" وانظر في إخفاء الرحركة الكتاب ٢/ ٣٧٨.
٧ عجزه:
وصاح غراب البين أنت حزين
والبيت في ابن يعيش ٩/ ١١٣، وهو من شعر كثير، وانظره في ترجمة مدى بن الرقاع في الأغاني. والمراد النطق بقوله: أأنت بتخفيف الهمزة الثانية يجعلها بين بين.

<<  <  ج: ص:  >  >>