للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها اقتراب الأصلين ثلاثيًّا أحدهما ورباعيًّا صاحبه, أو رباعيًّا أحدهما وخماسيًّا صاحبه؛ كدمث ودمثر, وسبط وسبطر, ولؤلؤ ولُآل, والضبغطى والضبغطري. ومنه قوله:

قد دَرْدَبَتْ والشيخ دَرْدَبِيس ... وقد مضى١ هذا أيضًا٢

ومنها التقديم والتأخير على ما قلنا في الباب الذي قبل هذا في تقليب الأصول نحو: "ك ل م " و"ك م ل " و"م ك ل " ونحو ذلك. وهذا كله والحروف واحدة غير متجاورة٣. لكن من وراء هذا ضرب غيره وهو أن تتقارب الحروف لتقارب المعاني, وهذا باب واسع.

من ذلك قول الله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} ٤ أي: تزعجهم وتقلقهم, فهذا في معنى تهزّهم هزًّا, والهمزة أخت الهاء, فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين. وكأنهم٥ خصّوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء, وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهزِّ؛ لأنك قد تهز ما لا بال له كالجذع وساق الشجرة, ونحو ذلك.

" ومنه العَسْف٦ والأسَف, والعين أخت الهمزة, كما أن الأسف يعسف٧ النفس وينال منها, والهمزة أقوى من العين, كما أن أسف النفس أغلظ من "التردد"٨ بالعسف. فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين"٩.


١ انظر ص٥١ وما بعدها من هذا الجزء.
٢ كذا في أ. وسقط في ش، ب.
٣ كذا في أ، ش. وفي ب: "متجاوزة". وهو تصحيف.
٤ آية: ٨٣، سورة مريم.
٥ كذا في ش، ب. وفي أ: "وذلك كأنهم".
٦ في ج: "العسيف والأسيف", والعسيف: الأجير، والأسيف: الشيخ الكبير، ومن اشتد به الأسف. وكأنه يريد بالعسف هنا السير على غير طريق وهدًى, ويناسبه قوله بعد: "كما أن أسف النفس أغلظ من التردد بالعسف".
٧ أي: ينال منها، يقال: عسف فلانًا: ظلمه، ونال منه.
٨ في ش، ب: "التودد". وهو غير مناسب.
٩ سقط ما بين القوسين في أ، وثبت في ش، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>