للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس, وتقتاد إليه دواعي النظر والإنصاف, حمل عليها ونسبت الصنعة فيه إليها. وما تجاوز ذلك فخفي لم توءس١ النفس منه, ووكل إلى "مصادقة٢ النظر فيه", وكان الأحرى به أن يتهم الإنسان نظره، ولا يخفّ إلى ادعاء النقض٣ فيما قد ثبَّت الله أطنابه, وأحصف بالحكمة أسبابه. ولو لم يتنبه "على ذلك"٤ إلّا بما جاء عنهم من تسميتهم٥ الأشياء بأصواتها؛ كالخازباز لصوته٦، والبط لصوته، والخاقباق لصوت الفرج عند الجماع, والواق٧ للصرد٨ لصوته، وغاق للغراب٩ لصوته، "وقوله"١٠: "تداعين باسم الشيب"١١ لصوت مشافرها, وقوله:

بينما نحن مرتعون بفلج ... قالت الدلّح الرواء إنيه١٢

فهذا حكاية لرزمة السحاب وحنين الرعد, وقوله:

كالبحر يدعو هيقما وهيقما١٣

وذلك لصوته, ونحو منه قولهم: حاحيت وعاعيت وهاهيت, إذا قلت: حاء وعاء وهاء. وقولهم: بسملت وهيللت وحولقت؛ كل ذلك "وأشباهه"١٤ إنما يرجع في اشتقاقه إلى الأصوات. والأمر أوسع.


١ كذا في أ، ب، ج: وفي ش: "تيأس".
٢ كذا في أ. وفي ش، ب، ج: "معاودة".
٣ في ج: "النقص".
٤ كذا في أ. وفي ش، ب: "لذلك".
٥ كذا في ش، ب. وفي أ: "تشبيهم".
٦ كذا في ش، ب. وفي أ: "لجنونه" والحازباز، الذباب.
٧ الواق -بكسر القاف حكاية لصوته, ويقال فيه: الواقي.
٨ كذا في ب، وفي ج: "الصرد" وفي أ، "المصرّ", وهو تحريف عن المصرصر, أي: المصوّت. وفي ش: "المصرد". والصرد: طائر فوق العصفور، وهو الواقي والواق.
٩ كذا في ش، ب. وفي أ، ج: "الغراب".
١٠ كذا في ش، ب، ج. وفي أ: "في قوله".
١١ الشيب "بالكسر": حكاية صوت مشافر الإبل عند الشرب, والكلمة من بيت لذي الرمة وهو:
تداعين باسم الشيب في متثلم ... جوانبه من بصرة وسلام
١٢ انظر ص٢٤ من الجزء الأول.
١٣ الهيقم: حكاية صوت اضطراب البحر.
١٤ كذا في ش، ب، وفي أ: "بأشباهه".

<<  <  ج: ص:  >  >>