للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا اجتمعوا عليَّ وأشقذوني ... فصرت كأنني فرأٌ متار١

وما جرى مجرى ذلك. وإنما اعتزامنا هنا الجوار المعنويّ لا اللفظيّ الصناعي. ومن ذلك قول سيبويه في نحو قولهم: هذا الحسن الوجه: إن الجرَّ فيه من وجهين, أحدهما: طريق الإضافة, والآخر: تشبيهه٢ بالضارب الرجلِ, هذا مع العلم بأن الجرَّ في الضارب الرجل إنما جاءه وجاز فيه لتشبيههم إياه بالحسن الوجه, فعاد الأصل فاستعاد من الفرع نفس الحكم الذي كان الأصل بدأ أعطاه إياه٣، حتى دلَّ ذلك على تمكّن الفروع وعلوها في التقدير. وقد ذكرنا ذلك, ونظيره في المعنى قول ذي الرمة:

ورملٍ كأوراك العذارى قطعته ... إذا ألبسته المظلمات الحنادس٤

وإنما المعتاد٥ في نحو هذا تشبيه أعجاز بكثبان الأنقاء. وقد تقدَّم ذكر٦ هذا المعنى في باب قبل هذا لاتصاله به, ومنه٧ قول الآخر:


١ قبله:
فإني لست من غطفان أصلي ... ولا بيني وبينهم اعتشار
والاعتشار: العشرة, وقوله: "اجتمعوا" في رواية اللسان: "غضبوا"، "أشقدوني": طردوني. والفرأ: حمار الوحش. ومثار: أصله منأر، اسم مفعول من أناره، أفزعه وطرده؛ فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، وكان الواجب بعد هذا حذف الهمزة, فيقال: متر، ولكنه قدر السكون على الحرف قبل الهمزة رافعًا على الهمزة، فقدر في الكلمة همزة ساكنة، وحفها الإبدال فأبدلها ألفًَا نظرًا لها الجوار. وزعم ابن حمزة أن هذا تصحيف، وأن صوابه: منار -بالنون- أي: مفزع، يقال: أثرته أي: أفزعته. وانظر اللسان في شقذ، وتأر. وقوله: "مئار" بالمثناة في أ، وهو الصواب, وبالمثلثة في ش، ب. وهو تصحيف. وقوله: "فرأ" بالفاء كذا في أ، ب، ش، وفي ج: "قرأ" وهو تصحيف. وانظر المحتسب في آخر صورة الفاتحة.
٢ كذا في أ، ب، ج. وفي ش: "تشبيه".
٣ كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "وآتاه".
٤ انظر ص٣٠١ من الجزء الأول من هذا الكتاب.
٥ كذا في ش، ب. وفي أ: "العادة".
٦ كذا في أ، وسقط هذا في ش، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>