للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من باب تدريج اللغة، وقد ذكر١ فيما مضى. وكان أبو علي -رحمه الله- إذا أوجبت القسمة عنده أمرين كلَّ واحد منهما غير جائز يقول فيه: قسمة الأعشي يريد قوله:

فاختر وما فيهما حظ لمختار

وسأله مرة بعض أصحابه فقال له: قال الخليل في ذراع: كذا وكذا, فما عندك أنت في هذا٢؟ فأنشده مجيبًا له:

إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام

ويشبه هذا ما يحكى عن الشعبيّ أنه ارتُفِع إليه في رجل بخص عين رجل, ما الواجب في ذلك؟ فلم يزدهم على أن أنشدهم بيت الراعي:

لها مالها حتى إذا ما تبوأت ... بأخفافها مرعًى تبوأ مضجعًا٣

فانصرف القوم مجابين. أي: ينتظر بهذه العين المبخوصة، فإن ترامى أمرها إلى الذهاب ففيها الدية كاملة, وإن لم تبلغ ذاك ففيها حُكُومة٤.


١ انظر ص٣٤٨ من الجزء الأول من هذا الكتاب.
٢ أي: في تسمية المذكر بذراع، هل يصرف أو يمنع من الصرف. ورأى الخليل صرفه. وانظر الكتاب ٢/ ١٩، واللسان "ذرع".
٣ بهذا البيت سمي الشاعر عبيد بن حصين بالراعي, وهو في وصف إبل. وانظر الاشتقاق لابن دريد ١٧٩.
٤ هي جزاء مالي غير مقدَّر في الشرع، وإنما يرجع في تقديره إلى الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>