للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باسم, فيكون في اللفظ به ابتذال له. فلمّا خلصت هذه الكاف خطابًا البتة, وعريت من معنى الاسمية استعملت في خطاب الملوك لذلك.

فإن قيل: فهلّا جاز على هذا أن يقال للملك ومن يلحق به في غير الشعر "أنت"؛ لأن التاء هنا أيضًا للخطاب, مخلوعة عنها دلالة الاسمية؟ قيل: التاء في "أنت" وإن كانت حرف خطاب لا اسمًا, فإن معها نفسها الاسم, وهو "أن" من "أنت", فالاسم على كل حال حاضر, وإن لم تكن الكاف, وليس كذا١ قولنا: "ذلك"؛ لأنه ليس للمخاطب بالكاف هنا اسم غير الكاف, كما كان له مع التاء في "أنت" اسم للمخاطب نفسه، وهو "أن" فاعرف ذلك فرقًا بين الموضعين.

ونحو من ذلك ما رآه٢ أبو الحسن في أن الهاء والياء في "إياه" و"إياي" حرفان؛ أحدهما للغيبة وهو الهاء, والآخر للحضور وهو الياء. وذلك أنه كان يرى أن الكاف في "إياك" حرف للخطاب, فإذا أدخلت عليه الهاء والياء في "إياه" و"إياي" قال: هما أيضًا حرفان للغيبة والحضور, مخلوعة٣ عنهما دلالة الاسمية في رأيته، وغلامي وصاحبي. وهذا مذهب هول٤. وهو٥ -وإن كان كذلك- جارٍ على القوة، ومقتاس بالصحة.

واعلم أن نظير الكاف في رأيتك إذا خلعت عنها دلالة الاسمية, واستقرّت للخطاب -على ما أرينا- التاء في قمت وقعدت ونحو ذلك, هي هنا تفيد الاسمية والخطاب, ثم تخلع عنها دلالة الاسمية, وتخلص للخطاب البتة في أنت وأنت. فالاسم "أن" وحده، والتاء "من بعد"٦ للخطاب.


١ في ش، ب، "كذلك".
٢ في ش: "رواه". وفي شرح الرضي للكافية ٢/ ١٢ أن الأخفش -وهو أبو الحسن- يرى أن الهاء والياء في إياه وإياي اسمان أضيف إليهما إياه. وهذا الرأي يعزى إلى الخليل.
٣ في ش: "مخلوع".
٤ يريد بالهول الشديد غير المتوقع، الغريب. وهو من الوصف بالمصدر، وفي ش: "مقول".
٥ سقط حرف العطف في أ.
٦ في ش، ب: "بعده".

<<  <  ج: ص:  >  >>