للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قيل: إن"١ الكاف في "ذلك" جُرّدت من معنى الاسمية, ولم تقرن باسم المخاطب بها. والتاء في أرأيتك زيدًا ما صنع, لم تجرّد من معنى الحرفية إلّا مقترنة بما كان مرة اسمًا, ثم جرد من معنى الاسمية, وأخلص للخطاب والحرفية وهو الكاف في "أرأيتك زيدًا ما صنع" ونحوه. فأنت٢ وإن خلعت عن تاء "أرأيتك زيدًا ما خبره" معنى الحرفية, فقد قرنت بها ما جردته من معنى الاسمية, وهو الكاف بعدها, فاعتدل الأمران باقتران الاسم٣ البتة بالحرف البتة. وليس كذلك "ذلك"؛ لأنك إنما معك٤ الكاف المجرَّدة لمعنى الخطاب, لا اسم معها للمخاطب بالكاف, فاعرف ذلك. وكذلك أيضًا في "أنت" قد جرّدت الاسم وهو "أن" من معنى الحرفية, وأخلصت التاء البتة بعده للخطاب, كما أخلصت الكاف بعد التاء في "أرأيتك عمرًا ما شأنه" حرفًا للخطاب.

فإن قلت: ف"أن" من "أنت" لم تُستعمل قط حرفًا, ولا خلعت دلالة الاسمية عنها, فهذا يقوي حكم الأسماء المضمرة, كما أضعفها ما قدمت أنت من حالها في تجردها من معنى الأسمية٥ وما غلب عليها من حكم الحرفية.

قيل: لسنا ندَّعي أن كل اسم مضمر لا بُدَّ من٦ أن يخلع عنه حكم الاسمية, ويخلص للخطاب والحرفية, فيلزمنا ما رمت إلزامنا إياه, وإنما قلنا: إن معنى الحرفية قد أخلص له بعضها, فضعف لذلك حكم جميعها, وذلك أن الخلع العارض فيها إنما لحق متصلها دون منفصلها -وذلك لضعف المتصل- فاجترئ عليه لضعفه، فخلع معنى الاسمية منه. وأما المنفصل فجارٍ بانفصاله مجرى الأسماء الظاهرة القوية المعربة. وهذا واضح.


١ في ش: "فإن".
٢ كذا في أ، وفي سواها: "وأنت".
٣ كذا في أ، م، ش. وفي ب، ش: "الاسمية".
٤ في ش: "جعلت".
٥ يوجد فيما عد أ، ش بعد "الاسمية" ما يأتي: "ويقوى في غير ذهاب معنى الاسمية".
٦ سقط في ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>