للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو مخبونًا, بل توبعت فيه الحركات الثلاث البتة تعويضًا للضرب من كثرة السواكن فيه, نحو: مفعوان ومفعولان ومستفعلان, ونحو ذلك مما التقى في آخره من الضروب ساكنان.

ونحوٌ من ذلك ما جاء عنهم من أفعلته فهو مفعول١، وذلك نحو: أحببته فهو محبوب, وأجنَّه الله فهو مجنون, وأزكمه فهو مزكوم, وأكزه٢ فهو مكزوز، وأقره فهو مقرور, وآرضه٣ الله فهو مأروض, وأملأه٣ الله فهو مملوء, وأضأده٣ الله فهو مضئود, وأحمه الله -من الحُمَّى- فهو محموم, وأهمه -من الهم- فهو مهموم, وأزعقته فهو مزعوق, أي: مذعور.

ومثله ما أنشدناه أبو علي من قوله:

إذا ما استحمَّت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع وواعد مصدق٤

وهو من أودعته, وينبغي أن يكون جاء على ودع.

وأما أحزنه الله فهو محزون, فقد حمل على هذا, غير أنه قد قال أبو زيد: يقولون: الأمر يحزنني, ولا يقولون: حزنني, إلا أن مجيء المضارع يشهد للماضي. فهذا أمثل٥ مما مضى. وقد قالوا فيه أيضًا: مُحْزَنٌ على القياس. ومثله قولهم: محب, منه بيت عنترة:

ولقد نزلت فلا تظنِّى غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم٦


١ انظر في هذا "المزهر" ٢/ ١٦٧.
٢ أي: أصابه بالكزاز. وهو تشنج يصيب الإنسان من شدة البرد، وتعتريه منه وعدة.
٣ أي: أصابه بالزكام. وانظر ص١٠٩، من هذا الجزء.
٤ هذا من قصيدة الخفاف بن ندبة في الجزء الأول من منتهى الطلب، و"الأصمعيات" ٤٨.
وهو في وصف فرس, وأرض الدابة: أسفل قوائمها، والسماء ظهره. واستحمام أرضه من العرق, وقوله: "مودوع" أي: ساكن لا يجتهد. وأصل مودوع مفعول من ودَعَه, أي: تركه، فهو متروك من الزجر والضرب. وقوله: "واعد مصدق" أي: يعد راكبه بمواصلة المد ويصدق في رعاه، ولا يخبس فيه.
وانظر اللسان "وَدَعَ" ومعاني ابن قتيبة.
٥ وذلك أن محزونًا جاء فعله الثلاثي, وإن قرن أيضًا بالريد استثناء به عن وصفه منه. والأمثلة السابقة ليس في هذا المعنى.
٦ هذا في معلقته المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>