للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتصار على أحد١ الجائزين أن يكون ذلك المقتصر عليه هو أقيسهما فيه, ألا تراك٢ تقول في تحقير أسود وجذول: أسيد وجديل بالقلب٣، وتجيز من بعد الإظهار وأن٤ تقول: أسيود وجديول, فإذا صرت إلى باب مقام وعجوز اقتصرت على الإعلال البتة فقلت: مقيِّم وعجيِّز, فأوجبت أقوى القياسين لا أضعفهما, وكذل نظائره.

فإن قلت: فقد تقول: فيها رجل قائم وتجيز فيه النصب فتقول: فيها رجل قائمًا, فإذا قدَّمت أوجبت أضعف الجائزين. فكذلك أيضًا تقتصر في هذه الأفعال -نحو: أكرمه وأشعُره- على أضعف الجائزين٥ وهو الضمّ.

قيل: هذا إبعاد في التشبيه. وذلك أنك لم توجب النصب في "قائمًا"٦ من قولك: فيها رجل قائمًا، و"قائمًا" هذا متأخر عن رجل في مكانه في حال الرفع, وإما اقتصرت على النصب فيه لما لم يجز فيه الرفع, أو لم يقو, فجعلت أضعف الجائزين واجبًا ضرورة لا اختيارًا, وليس كذلك كرمته أكرمه؛ لأنه لم ينقض٧ شيء عن موضعه ولم يقدّم ولم يؤخر. ولو قيل: كرمته أكرمه؛ لكان كشتمته أشتمه, وهزمته أهزمه.

وكذلك٨ القول في نحو قولنا: ما جاءني إلّا زيدًا أحد, في إيجاب نصبه, وقد كان النصب لو تأخَّر "زيد" أضعف الجائزين فيه إذا قلت: ما جاءني أحد إلّا زيدًا, الحال فيهما واحدة, وذلك أنك لمَّا لم تجد مع تقديم المستثنى ما تبدله منه عدلت به -للضرورة- إلى النصب الذي كان جائزًا فيه متأخرًا. هذا كنصب "فيها قائمًا رجل" البتة، والجواب عنهما واحد.


١ ش: "آكد".
٢ ش: "أراك".
٣ سقط في د، هـ. ويريد قلب الواو ياء.
٤ سقط حرف العطف في ش.
٥ كذا في ش. وفي د، هـ: "الحالين".
٦ د، هـ: "قائم".
٧ ش "ينقص" وهو تصحيف.
٨ د، هـ: "فكذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>