للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الأمر كذلك فقد وجب البحث عن علة مجيء هذا الباب في الصحيح كله بالضم, نحو: أكرمه وأضرُبه.

وعلّته عندي أن هذا موضع معناه الاعتلاء والغلبة, فدخله بذلك١ معنى الطبيعة والنحيزة التي تغِلب ولا تُغلب, وتلازم ولا٢ تفارق. وتلك الأفعال بابها: فَعُل يفُعل, نحو: فقُه يفقُه إذا أجاد الفقه, وعلُم يعلُم إذا أجاد العلم. وروينا عن أحمد ابن يحيى عن الكوفيين: ضَرُبتِ اليدُ يدهُ، على وجه المبالغة.

وكذلك نعتقد نحن أيضًا في الفعل المبني منه فعل التعجب أنه قد نُقِلَ٣ عن فَعَل وفَعِل إلى فَعُلَ, حتى صارت له صفة التمكن والتقدم, ثم بُنِيَ منه الفعل٤، فقيل: ما أفعله, نحو: ما أشعره, إنما هو من شَعُر, وقد حكاها أيضًا أبو زيد. وكذلك ما أقتله وأكفره: هو عندنا من قَتُل وكَفُر تقديرًا, وإن لم يظهر٥ في اللفظ استعمالًا.

فلمَّا كان قولهم: كارمني فكرمته أكرمه٦ وبابه صائرًا إلى معنى فَعُلت أفُعل أتاه الضمّ من هناك. فاعرفه.

فإن قلت: فهلّا لما دخله هذا المعنى تَمَّموا فيه الشبه فقالوا: ضربته أضرُبه, وفَخُرْتُه أفْخُرهُ "ونحو ذلك؟ "٧.

قيل: منع من ذلك أن فَعُلْت لا يتعدَّى٨ إلى المفعول به أبدًا, ويفعُل قد يكون في المتعدي٩, كما يكون في غيره, ألا ترى إلى قولهم: سلبه يسلُبه, وجلبه يجلبه،


١ في الأشباه: "لذلك".
٢ سقط في د، هـ.
٣ أخذ بهذا متأخرو النحاة, وانظر الرضي شرح الكافية ٢/ ٣٠٨.
٤ في ج: "أفعل".
٥ د، هـ، الأشباه: "إلى".
٦ سقط في د، هـ.
٧ ما بين القوسين سقط في د، هـ، ز.
٨ كذا في د، هـ. وفي ش، والأشباه: "تتعدّى".
٩ ش: "المتعدية".

<<  <  ج: ص:  >  >>