للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونخله ينخُله, فلم يمنع من المضارع ما منع من الماضي, فأخذوا منهما١ ما ساغ, واجتنبوا ما لم يسغ.

فإن قلت: فقد قالوا: قاضاني فقضيته أقضيه, وساعاني فسعيته أسعيه؟ قيل: لم يكن من "يفعله" ههنا بُدّ, مخافة أن يأتي على يفُعل فينقلب الياء واوًا, وهذا مرفوض في هذا النحو من الكلام.

وكما لم يكن من هذا بد ههنا لم يجئ أيضًا٢ مضارع فَعَل منه مما فاؤه واو بالضم, بل جاء بالكسر على الرسم وعادة العرب. فقالوا: واعدني فوعدته أعده, وواجلني فوجلته أجِلُه, وواضأني فوضأته أَضؤه. فهذا كوضعته -من هذا الباب- أضعهُ.

ويدلّك على أن لهذا الباب أثرًا في تغييره باب فَعَل في مضارعه قولهم: ساعاني فسعيته أسعيه, ولم يقولوا: أسعاه على قولهم: سعى يسعى, لما كان مكانًا قد رُتِّب وقرر وزوى٣ عن نظيره في غير هذا الموضع.

فإن قلت: فهلا غيروا ما فاؤه واو كما غيروا ما لامه ياء فيما ذكرت, فقالوا: واعدني فووعدته أَوعُدُه, لما دخله من المعنى المتجدّد٤.

قيل: "فَعَل" مما فاؤه واو لا يأتي مضارعه أبدًا بالضمّ, إنما هو بالكسر, نحو: وجد يجد, ووزن يزن, وبابه, وما لامه ياء فقد٥ يكون على يفعِل كيرمي ويقضي, وعلى يفعَل كيرعَى ويسعَى. فأمر الفاء إذا كانت واوًا في فَعَلَ أغلظ حكمًا من أمر اللام إذا كانت ياء. فاعرف ذلك فرقًا.


١ ش: "منها" والضمير في "منهما" لصيفتيّ فعل ويفعل المضموم العين.
٢ د، هـ: "هنا".
٣ أي: نحى وأبعد.
٤ د، هـ: "المجدد".
٥ د، هـ: "قد".

<<  <  ج: ص:  >  >>