للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أن تبنى مما عينه واو مثل فِعَّل فتصح العين للإدغام نحو: قِوَّل وقِوَّم، فتصح العين للتشديد، كما تصح للتحريك١ في نحو قولهم: عِوَض وحِوَل وطِوَل.

فلما كان في إدغامهم الحرف في الحرف ما أريناه من استخفافهم إياه صار تقريبهم الحرف "من الحرف"٢ ضربًا من التطاول إلى الإدغام. وإن لم يصلوا إلى ذلك, فقد حاولوه واشرأبوا نحوه, إلّا أنهم مع هذا لا يبلغون بالحرف المقرَّب من الآخر أن يصيروه إلى أن يكون من مخرجه لئلّا يحصلوا من ذلك بين أمرين كلاهما مكروه.

أما أحدهما: فأن يدغموا مع بعد٣ الأصلين وهذا بعيد.

وأما الآخر: فأن يقربوه منه حتى يجعلوه من مخرجه, ثم لا يدغموه, وهذا كأنه انتكاث وتراجع؛ لأنه إذا بلغ من قربه إلى أن يصير من مخرجه وجب إدغامه, فإن لم يدغموه حرموه المطلب المروم٤ فيه، ألا ترى أنك إذ قربت السين في سويق من القاف بأن تقلبها صادًا, فإنك لم تخرج السين من مخرجها, ولا بلغت بها مخرج القاف, فيلزم إدغامها فيها. فأنت إذًا قد رمت تقريب الإدغام المستخَفّ, لكنك لم تبلغ الغاية التي توجبه٥ عليك, وتنوط أسبابه بك.

وكذلك إذا قلت في اصتبر: اصطبر، فأنت٦ قد قرَّبت التاء من الصاد بأن قلبتها إلى أختها في الإطباق٧ والاستعلاء، والطاء٨ مع ذلك من جملة مخرج التاء.


١ في هـ: "للمتحرك" وفي د: " للمحرك".
٢ ما بين القوسين سقط في د، هـ.
٣ د، هـ: "أبعد".
٤ كذا في هـ. وفي د: "المرموم" وفي ش: "الملزوم".
٥ د، هـ: "توجه" والضمير المنصوب في "توجيه" للإدغام.
٦ د، هـ: "فإنك".
٧ كذا في د، هـ، ج. وفي ش "الطباق".
٨ د، هـ فيهما زيادة بعد: "باقية".

<<  <  ج: ص:  >  >>