للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ولم لا تكون سعليات معرفة إذا جعلتها علمًا؛ كرجل أو امرأة سميتها بسعليات وأرطيات. وكذلك أنت في هيهات إذا عرَّفتها فقد جعلتها علمًا على معنى البعد, كما أن غاق فيمن لم ينون فقد جعل علمًا لمعنى الفراق, ومن نون فقال: غاقٍ غاقٍ, وهيهاة هيهاة, هيهاتٍ هيهاتٍ, فكأنه قال: بعدًا بعدًا, فجعل التنوين علمًا لهذا المعنى, كما جعل حذفه علمًا لذلك.

قيل: أما على التحصيل فلا تصح هناك حقيقة معنى العلمية. وكيف يصح ذاك وإنما هذه أسماء١ سمي بها الفعل في الخبر, نحو: شتان وسرعان وأف وأوتاه, وسنذكر ذلك في بابه. وإذا كانت أسماء للأفعال والأفعال أقعد شيء في التنكير وأبعده عن التعريف, علمت أنه تعليق لفظ متأول٢ فيه التعريف على معنى لا يضامه إلا التنكير. فلهذا قلنا: إن تعريف باب هيهات لا يعتدّ تعريفًا. وكذلك غاق وإن لم يكن اسم فعل, فإنه على سمته, ألا تراه صوتًا بمنزلة حاء وعاء وهاء, وتعرّف الأصوات من جنس تعرّف الأسماء المسماة "بها الأفعال"٣.

فإن قيل: ألا تعلم أن معك من الأسماء ما تكون٤ فائدة معرفته كفائدة نكرته البتة. وذلك قولهم: غدوة هي في معنى غداة, إلا أن غُدوة معرفة, وغَداة نكرة. وكذلك أسَد وأُسامة وثعلب وثُعالة وذئب وذُؤالة وأبو جَعْدة وأبو مُعْطة. فقد تجد هذا التعريف المساوي٥ لمعنى التنكير فاشيًا في٣ غير ما ذكرته, ثم لم يمنع ذلك أسامة وثعالة وذؤالة وأبا جعدة وأبا معطة٦ ونحو ذلك أن تُعدّ في الأعلام, وإن لم يخص الواجد من جنسه, فكذلك لم لا يكون هيهات كما ذكرنا؟


١ في د، هـ، ز: "هي".
٢ في ش "يتأول".
٣ سقط في ش.
٤ في د، هـ، ز: "يكون".
٥ في د، هـ، ز: "المساوق".
٦ أبو جعده وأبو معطة كنيتان للذئب, وسمي بالثاني لتمعط شعره, أي: انجراده عنه وسقوطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>