للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: هذه الأعلام وإن كانت معنياتها نكرات فقد يمكن في كل واحد منها أن يكون معرفة صحيحة كقولك: فرقت ذلك الأسد الذي فرقته, وتبركت١ بالثعلب الذي تبركت١ به، وخسأت الذئب الذي خسأته. فأما الفعل فمِمَّا لا يمكن تعريفه على وجه, فلذلك لم يعتد٢ التعريف الواقع عليه لفظًا سمه خاصة ولا تعريفًا.

وأيضًا فإن هذه الأصوات عندنا في حكم الحروف, فالفعل إذًا أقرب إليها, ومعترض بين الأسماء٣، وبينها, أوَلا ترى أن البناء الذي سرى في باب: صه ومه وحيهلا ورويدًا وإيه وأيها وهلمّ, ونحو ذلك من باب: نزال ودراك ونظار ومناع, إنما أتاها من قبل تضمن هذه الأسماء معنى لام الأمر؛ لأن أصل ما صَهْ اسم له -وهو اسكت- لتسكت؛ كقراءة٤ النبي -صلى الله عليه وسلم: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} ٥ وكذلك مَهْ هو اسم اكفُفْ, والأصل لتكفف. وكذلك نزال هو اسم انزل, والأصل: لتنزل. فلما كان معنى اللام عائرًا٦ في هذا الشق وسائرًا في أنحائه, ومتصورًا في جميع جهاته دخله البناء من حيث تضمَّن هذا المعنى, كما دخل أين وكيف لتضمَّنهما٧ معنى حرف الاستفهام, وأمس لتضمنه معنى حرف التعريف, ومن لتضمنه معنى حرف الشرط, وسوى ذلك. فأما أفّ وهيهات وبابهما مما هو اسم للفعل فمحمول في٨ ذلك على أفعال الأمر. " وكأنَّ"٩ الموضع في ذلك إنما هو لصهْ ومه ورويد ونحو ذلك, ثم حمل عليه باب أفّ وشتان ووشكان "من حيث"١٠ كان اسمًا سمي به الفعل.


١ في د، هـ، ز: "تباركت".
٢ في د، هـ، ز: "يعتد ذا" وكأن الأصل: "يعتدد" فحول إلى ما ترى. وهذا كما في الأشباه.
٣ في د، هـ، ز: "الاسم".
٤ يعني بقراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أن المحدثين نقلوها عنه، ولم يدونها القراء من طرفهم, وهذا اصطلاح للمفسرين. انظر شهاب البيضاوي ٦/ ٣٢٧.
٥ آية: ٥٨ سورة يونس.
٦ أي: مترددًا, ومن أمثالهم: كلب عائر خير من كلب رابض.
٧ في د، هـ، ز: "لنضمنها".
٨ سقط هذا الحرف في ش.
٩ في د، هـ، ز: "فكأن".
١٠ في د، هـ، ز: "وحيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>