للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه١ يريد بأم ٢ سلمى: أحد جبلي طيئ. وسماها أمّا لاعتصامهم بها وأويّهم إليها. واستعمل "في" موضع الباء, أي: نلوذ بها لأنهم إذا لاذوا بها فهم فيها لا محالة؛ إذ لا يلوذون ويعصمون٣ بها إلّا وهم فيها؛ لأنهم إن٤ كانوا بعداء عنها فليسوا لائذين بها, فكأنه قال: نسمك٥ فيها٦ ونتوقّل فيها. فلأجل ذلك ما استعمل "في" مكان الباء. فقس على هذا, فإنك لن تعدم إصابة بإذن الله ورشدًا.

باب في مضارعة الحروف للحركات والحركات للحروف:

وسبب ذلك أن الحركة حرف صغير, ألا ترى أن من متقدمي القوم من كان يسمٍّي الضمة الواو الصغيرة, والكسرة الياء الصغيرة, والفتحة الألف الصغيرة. ويؤكد ذلك عندك٧ أنك متى أشبعت ومطلت الحركة أنشأت بعدها حرفًا من جنسها. وذلك قولك في إشباع حركات٨ ضرب ونحوه: ضوريبا. ولهذا إذا احتاج الشاعر إلى إقامة الوزن مطل الحركة, "وأنشأ"٩ عنها حرفًا من جنسها. وذلك قوله ١٠:

نفى الدراهيم تنقاد الصياريف١١


١ كذا في ش، وفي د، هـ، ر: "فإنما".
٢ في القتضاب والجواليقي: "بالأمّ"، وفي اللسان "فيا": "بالأم لنا".
٣ كذا في ش، وفي ز: "يعتصمون". ويقال: أعصم بالشيء واعتصم به: أمسك به.
٤ في ش: "وإن".
٥ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "تستمك", وسمك: صعد وارتفع، وكذلك استمسك, وفي اللسان "في": "تسمئل فيها, أي: نتوقل". وهو من قولهم: اسمألّ الظل: ارتفع.
٦ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "أو".
٧ كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "عندي".
٨ سقط في د، هـ، ز.
٩ في د. هـ. ز: "فأنشأ".
١٠ أي: الفرؤدق. انظر الخزانة ٢/ ٢٥٥، والكامل ٥/ ٩١.
١١ صدره:
تنفى يداها الحصى في كل هاجرة
وهو في وصف ناقته، يصفها بسرعة السير في الهواجر، فيقول: إن يديها لشدة وقعها في الحصى تنقيانه, فيفرع بعضه بعضًا, ويسمع له صليل كصليل الدراهم إذا انتقدها الصيرفي فنفَى رديئها عن جيدها. انظر الخزانة في الموطن السابق، والكتاب ١/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>