للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بيت الحكمى ١:

ككمون النار في حجره

فيكون على هذا؛ لأنه ذهب إلى النور والضياء, ويجوز أن تكون الهاء عائدة على الكمون, أي: في حجر الكمون, والأول أسبق في الصنعة إلى النفس, وقال الهذلي ١:

بعيد الغزاة فما إن يزا ... ل مضطمرًا طرَّتاه طليحا

ذهب بالطرتين إلى الشعر, ويجوز أن يكون "طرتاه" بدلًا من الضمير إذا جعلته في مضطمر٣؛ كقول الله سبحانه: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} ٤ إذا جعلت في "مفتحة" ضميرًا، وجعلت "الأبواب" بدلًا من ذلك الضمير, ولم يكن تقديره: الأبواب منها, على أن نخلي "مفتحة" من الضمير٥. نعم, وإذا كان في "مفتحة"


١ يريد بالحكميّ أبا نواس. وهذا عجز صدره:
كمن الشنان فيه لنا
وقبله:
وابن عم لا يكاشفنا ... قد لبسناه على غمره
وهو من قصيدة في مدح العباس بن عبد الله بن أبي جعفر المنصور.
٢ هو أبو ذؤيب من قصيدة له في مدح عبد الله بن الزبير, وهذا ما في اللسان "طرر" وفي ديوان الهذليين "طبعة دار الكتب" ١/ ١٣٢ وما بعدها, هذا الوصف فيمن يوصي الشاعر صاحبته أن تصاحبه إذا هجرته وأرادت خلفًا له؛ وهو يرمي إلى أنه نفسه بهذا الوصف, والبيت في الهذليين على ما يأتي:
تريع الغزاة وما إن يري ... ع مضطمرًا طرَّتاه طليحا
وقوله: "تريع العزاة" أي: يرجعون، والريع: العود والرجوع. وهذا كقوله في رواية الكتاب: "بعيد الغزاة" غير أن "الغزاة" في رواية الكتاب بفتح الغين, أي: الغزو، وفي رواية الديوان بضم الغين جمع الغازي. وطرتاه: كشحاه، واضطمار الكشحين كناية عن ضمور البطن من الهزال، وطليحًا: معيبًا.
٣ في ط: "مضطمرًا".
٤ آية: ٥ سورة ص.
٥ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "ضمير".

<<  <  ج: ص:  >  >>