للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تغنَّى الحمام الورق هيجني ... ولو تعزيت عنها أم عمَّار١

لأنه لما قال: هيجني دلَّ على ذَكَّرني, فنصبها به. " فاكتفى بالمسبب الذي هو التهييج من السبب الذي هو التذكير"٢ ونحوه قول الآخر:

أسقى الإله عدوات الوادي ... وجوزه كل ملثٍّ غاد

كل أجشٍّ حالك السواد٣

لأنه إذا أسقاها الله كل ملثٍّ فقد سقاها ذلك الأجشُّ.

وكذلك قول الآخر ٤:

تواهق رجلاها يداها ورأسه ... لها قَتَبٌ خلف الحقيبة رادف

أراد: تواهق رجلاها يديها, فحذف المفعول وقد عُلِمَ أن المواهقة لا تكون من٥ الرجلين دون اليدين, وأن اليدين مواهقتان كما أنهما مواهقتان. فأضمر لليدين فعلًا دلَّ عليه الأول, فكأنه قال: تواهق يداها رجليها, ثم حذف المفعول في هذا كما حذفه٦ في الأول


١ "تعزيت" كذا في نسخ الخصائص. وفي الكتاب ١/ ١٤٤، وجمهرة أشعار العرب: "تغربت"، والورق: جمع الورقاء والأورق من الورقة, وهي بياض إلى سواد.
٢ قدَّم ما بين القوسين في ش على قوله: "لأنه لما قال ... ....".
٣ عدوات الوادي جمع العدوة بتثليث العين، وهو شاطئ الوادي, وجوزه: وسطه، وفي ط: "جوفه" وهو يوافق ما في الكتاب. وفي ز: "جرفه", وهو محرَّف عن "جوفه". والملك من المطر الدائم الملازم والأجش، الشديد صوت الرعد، والحالك: الشديد السواد، وذلك أحلق للمطر. وانظر الكتاب ١/ ١٤٦.
٤ أي: أوس بن حجر. وهو يصف حمارًا من حمر الوحش يجري وراء أتان؛ فرجلاها أي: مؤخرتا قوائمها توافقان يدي هذا الحمار, أي: مقدمتي قوائمه. التواهق: الموافقة في السير والتباري فيه. وقوله: "يداها" كذا في نسخ الخصائص، والأجود: "يداه" كما في الديوان واللسان "وهق", والكتاب ١/ ١٤٥ وقوله: "رأسه...." يريد أن هذا الحمار يضع رأسه خلفها في سيره, فرأسه كأنه قنب لها خلف حقبتها أي: عجزها. وفي ز، ط: "رأسها", والجيد ما أثبت كما في ش، والديوان، واللسان.
٥ في د، هـ، ز: "إلّا من الرجلين".
٦ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "حذف".

<<  <  ج: ص:  >  >>