للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التشبيه فلأن جريه١ يجر ي في الكثرة مجرى مائه.

أما التوكيد فلأنه شبه العرض بالجوهر, وهو أثبت في النفوس منه, والشبه في العرض منتفية عنه؛ ألا ترى أن من٢ الناس من دفع الأعراض وليس أحد دفع الجواهر.

وكذلك قول الله سبحانه: {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا} ٣ هذا هو مجاز, وفيه الأوصاف الثلاثة.

أما السعة فلأنه كأنه زاد في أسماء الجهات والمحال اسمًا هو الرحمة.

وأما التشبيه فلأنه شبه٤ الرحمة -وإن لم يصح دخولها- بما يجوز دخوله, فلذلك وضعها موضعه.

وأما التوكيد فلأنه أخبر عن العرض بما يخبر به عن الجوهر, وهذا تعال٥ بالغرض، وتفخيم منه؛ إذ صير٦ إلى حيز ما يشاهد ويلمس ويعاين، ألا ترى إلى قول بعضهم في الترغيب في الجميل: ولو رأيتم المعروف رجلًا لرأيتموه حسنًا


١ تراه عقد التشبيه بين جرى الفرس وماء البحر، والتشبيه في ظاهره بين الفرس والبحر في كثرة ما يختص به كل منهما وسعته. فالفرس كثير الجري والبحر كثير الماء. وفي فتح الباري في كتاب الهبة ٥/ ٥٣: "قال الأصمعي: يقال للفرس بحر إذا كان واسع الجري، أو لأنّ جريه لا ينفد كا لا ينفد ماء البحر".
٢ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "في". وانظر في إنكار الأعراض الفصل لابن حزم ٥/ ٦٦ من طبعة الموسوعات.
٣ آية: ٧٥ سورة الأنبياء.
٤كأن يميل إلى أن في الكلام استعارة بالكناية, فشبه الرحمة بمكان، ودل على ذلك بلازم المشبه به، وهو الإدخال، والمعروف أن في الآية تجوزًا بالرحمة عن الجنة من إطلاق السبب على المسبب، وهذا مجاز مرسل.
٥ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "تغال".
٦ في ط: "أصير".

<<  <  ج: ص:  >  >>