للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنس من الفعل, ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام, وكيف١ يكون ذلك وهو جنس, والجنس يطبق٢ جميع الماضي وجميع الحاضر وجميع الآتي, الكائنات من كل من وجد منه القيام. ومعلوم٣ أنه لا يجتمع لإنسان واحد "في وقت واحد"٤, ولا في مائة ألف سنة مضاعفة القيام كله الداخل تحت الوهم, هذا محال عند كل ذي لب. فإذا كان كذلك علمت أن "قام زيد" مجاز لا حقيقة, وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير. ويدل على انتظام ذلك لجميع جنسه أنك تعلمه في جميع أجزاء ذلك الفعل فتقول: قمت قومة, وقومتين, ومائة قومة, وقيامًا حسنًا, وقيامًا قبيحًا. فأعمالك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها. وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليل؛ ألا تراك لا تقول: قمت جلوسًا, ولا ذهبت مجيئًا, ولا نحو ذلك لما لم تكن فيه دلالة عليه, ألا ترى إلى قوله:

لعمري لقد أحببتك الحب كله ... وزدتك حبًا لم يكن قبل يعرف٥

"فانتظامه٦ لجميعه يدل على وضعه على اغتراقه واستيعابه"٧ وكذلك قول الآخر:

فقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظنّ أن لا تلاقيا٨


١ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "فكيف".
٢ أي: يعم. يقال: طبق الغيث الأرض: عمهد, والمعروف أن الجنس يتناول القليل والكثير والواحد والتعدد، وهو إنما يطبق جميع أفراده بالصلاحية، وسيذكر بعد أن عمل الفعل في اسم المرة وغيره يدل على صلاحته لتناول جميعها. وعلى هذا فإذا أريد منه به بعض أفراده كان حقيقة لا مجازًا.
٣ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "فمعلوم".
٤ ثبت ما بين القوسين في ش، ط, وسقط في د، هـ، ز.
٥ سقط الشطر الثاني في ش.
٦ سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
٧ كذا في ط، وفي ش: "فاستيعابه", وقوله: "لجميعه" في ط: "بجميعه".
٨ "فقد كذا في د، ز، ش، ط. وفي هـ: "وقد", وهو من قصيدة للمجنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>