للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "كل الظن" يدل على صحة ما ذهبنا إليه. قال لي أبو علي: قولنا: قام زيد, بمنزلة قولنا: خرجت فإذا الأسد, ومعناه أن قولهم: خرجت فإذا الأسد تعريفه هنا تعريف الجنس كقولك: الأسد أشد من الذئب, وأنت لا تريد أنك "خرجت وجميع الأسد"١ التي٢ يتناولها الوهم على الباب. هذا محال واعتقاده اختلال٣. وإنما أردت: خرجت فإذا واحد من هذا الجنس بالباب, فوضعت لفظ الجماعة على الواحد مجازًا لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه. أما الاتساع فإنك٤ وضعت اللفظ المعتاد للجماعة على الواحد. وأما التوكيد فلأنك عظمت قدر ذلك الواحد، بأن جئت بلفظه على اللفظ المعتاد للجماعة, وأما التشبيه فلأنّك عظّمت قدر ذلك الواحد بالجماعة؛ لأن كل واحد منها مثله في كونه أسدًا.

وإذا كان كذلك فمثله قعد جعفر, وانطلق محمد, وجاء الليل, وانصرم النهار. وكذلك أفعال القديم سبحانه؛ نحو٥: خلق الله السماء والأرض, وما٦ كان مثله, ألا ترى -أنه عزَّ اسمه- لم يكن منه بذلك خلق أفعالنا, ولو كان حقيقة لا مجازًا لكان خالقًا للكفر والعدوان وغيرهما٧ من أفعالنا -عز وعلا. وكذلك علم الله قيام زيد مجاز٨ أيضًا؛ لأنه لست الحال التي علم عليها قيام زيد هي الحال التي علم عليها قعود عمرو. ولسنا نثبت له سبحانه علمًا؛ لأنه عالم بنفسه٩, إلا أنَّا مع ذلك نعلم


١ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "مررت بجميع الأسد".
٢ كذا في ش. وفي ط، ز: "الذي".
٣ في ز: "اعتلال".
٤ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش، "فأن".
٥ سقط في ش.
٦ سقط في د، هـ، ز. وثبت في ش، ط.
٧ كذا في ز. وفي ش، ط: "غيرها". وقد جرى في هذا على رأي أصحابه المعتزلة. وأهل السنة لا يرون شيئًا في خلق الكفر والعدوان، ولا يخرج شيء عن خلقه وقدرته.
٨ في ش: "مجازًا".
٩ كذا في ز. وفي ش، ط: "لنفسه". وتراه يتبع في نفي صفة العلم عن الله سبحانه مذهب المعتزلة، وأهل السنة بخلاف ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>