للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أراد: عبد الله بن عباس, ولو لم يكن على الثقة بفهم ذلك لم يجد بدًّا من البيان. وعلى ذلك قول الآخر ١:

عليم بما أعيا النطاسي حذيما

أراد: ابن حذيم.

ويدلك على لحاق المجاز بالحقيقة عندهم وسلوكه طريقته في أنفسهم أن العرب قد وكدته كما وكَّدت الحقيقة, وذلك قول الفرزدق:

عشيَّة سال المربدان كلاهما ... سحابة موت بالسيوف الصوارم٢

وإنما هو مربد واحد, فثناه مجازًا لما يتصل به من مجاوره, ثم إنه مع ذلك وكَّده وإن كان مجازًا. وقد يجوز أن يكون سمَّى كل واحد من جانبيه مربدًا.

وقال الآخر:


١ هو أوس بن حجر, وصدر البيت وقد جاء في ز:
فهل لكم فيها إليّ فإنني
وكان جاور في قوم غير قومه فاقتسموا معزاه، فهجاهم، وعرض عليهم أن يردوا إليه ماله فيخرجهم من مخزاة فعلتهم، فإنه كفيل بذلك طبيب به. وابن حذيم متطبب عند العرب. ويقول بعد هذا:
فأخرجكم من ثوب شمطاء عارك ... مشهرة بلت أسافله دما
فقوله: "فهل كلم فيها إلي" أي: في رد غنمي إلي, هذا وقد ذكر ابن السكيت في شرح ديوان أوس أن حذيمًا من تيم الرباب، وكان متطببًا عالمًا، وتبعه صاحب القاموس، وعليه فلا شاهد فيه. وانظر الخزانة ٢/ ٢٣٢.
٢ من قصيدة له في هجاء جرير والتعريض بالبعيث, وقبله:
ومنا الذي أعطى يديه رهينة ... لفاري نزار يوم ضرب الجماجم
كفى كل أنثى ما تخلف على ابنها ... وهن قيام رافعات المعاصم
غارا نزار تميم وبكر، وهو تثنية غار، وهو الجمع الكثير من الناس, ويريد بالذي أعطى يديه رهينة عبد الله بن سفيان التميمي في قصة طويلة جرت بعد موت يزيد بن معاوية, بسطها أبو عبيدة في النقائض ٧٢٠ طبع أوربا. والمربدان أراد به المربد، وهو موضع بالبصرة, والمربد -في الأصل- الموضع يحبس فيه الإبل وغيرها. وقوله: "سحابة" في ز: "عجاجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>