للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا البيضة الصمَّاء عضت صفيحة ... بحربائها صاحت صياحًا وصلَّت١

فأكد "صاحت" وهو مجاز بقوله: صياحًا.

وأما٢ قول الله -عز وجل: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ٣ فليس من باب المجاز "في الكلام"٤, بل هو حقيقة, قال أبو الحسن ٥: خلق الله لموسى٦ كلامًا في الشجرة, فكلَّم به موسى, وإذا أحثَّه كان متكلمًا به. فأمَّا أن يحدثه في شجرة أو فم أو غيرهما, فهو شيء آخر, لكن الكلام واقع, ألا ترى أن المتكلم منا إنما يستحق هذه الصفة بكونه متكلمًا لا غير لا؛ لأنه أحدثه في آلة نظقه, وإن كان لا يكون متكلمًا حتى يحرك به آلات نطقه.

فإن قلت: أرأيت لو أن أحدنا عمل آلة مصوِّتة وحركها واحتذى بأصواتها أصوات الحروف المقطعة المسموعة في كلامنا, أكنت تسميه متكلمًا؟ وتسمي تلك الأصوات كلامًا؟

فجوابه ألا٧ تكون تلك الأصوات كلامًا, ولا ذلك المصوِّت لها متكلمًا, وذلك أنه ليس في قوة٨ البشر أن يوردوه بالآلات التي يصنعونها على سمت الحروف


١ البيضة: الخوذة توضع على الرأس لتقيها السلاح. والحرباء: مسمار الدرع، وصليل الحرباء: صوته, وذلك أن يضرب الدرع بالسيف فلا تنفذ فيه الضربة وترتد فيكون لذلك صوت. وقد جعل الحرباء كما ترى للبيضة. والصفيحة: السيف العريض.
٢ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "فأمَّا".
٣ آية: ١٦٤، سورة النساء.
٤ كذا في ز، ط. وسقط في ش.
٥ هذا على أصل المعتزلة الذين ينكرون الكلام النفسي لله سبحانه, ويذكر المؤلف أن نسبة الكلام إلى الله سبحانه على هذا الرأي حقيقة لا مجاز. يرده أن الجاري في العربية نسبة الفعل إلى من يظهر منه، فلو كان الكلام في الشجرة لكانت أحق بنسبة الكلام إليها على سبيل الحقيقة.
٦ سقط في ش. وثبت في د، هـ، ز، ط.
٧ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط، "لا".
٨ في ز، ط: "قدرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>