للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فأجز على هذا الجمع بين الألفين المدتين واعتقد أن الأولى منهما كالفتحة قبل الثانية.

قيل: هذا فاسد؛ وذلك أن الألف قبل السين في "ماست " إذا أنت استوفيتها أدتك إلى شيء آخر غيرها مخالف لها, وتلك حال الحركة قبل الحرف: أن يكون بينهما فرق ما١، ولو تجشمت نحو ذلك في جمعك في اللفظ بين ألفين مدتين, نحو كساا, وحمراا, لكان مضافًا إلى اجتماع ساكنين أنك خرجت من الألف إلى ألف مثلها وعلى سمتها, والحركة لا بد لها أن تكون مخالفة للحرف بعدها, هذا مع انتقاض القضية في سكون ما قبل الألف الثانية.

ورأيت مع هذا أبا علي -رحمه الله- كغير المستوحش من الابتداء بالساكن في كلام العجم. ولعمري إنه لم يصرح بإجازته لكنه لم يتشدد فيه تشدده في إفساد إجازة ابتداء العرب بالساكن. قال: وذلك أن العرب قد امتنعت من الابتداء بما يقارب حال الساكن, وإن كان في الحقيقة متحركًا يعني همزة بين بين. قال: فإذا كان بعض المتحرك لمضارعته الساكن لا يمكن الابتداء به فما الظن بالساكن نفسه! قال: وإنما خفي حال هذا في اللغة العجمية لما فيها من الزمزمة٢، يريد أنها لما كثر ذلك فيها ضعفت حركاتها وخفيت. وأما أنا فأسمعهم٣ كثيرًا إذا أرادوا المفتاح قالوا: "كليد " فإن لم تبلغ الكاف أن تكون


١ ثبت هذا اللفظ في أ، ج، وسقط في ش، ب.
٢ الزمزمة: كلام المجوس عند أكلهم، يتراطنون وهم صموت لا يستعملون اللسان ولا الشقة إنما هو صوت يديرونه في خياشيمهم وحلوقهم فيفهم بعضهم عن بعض, وفي الحديث أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى أحد عماله في أمر المجوس أن ينهاهم عن الزمزمة.
٣ أي الفرس ومن يتكلم بلسانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>