للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يك الحق سوى أن هاجه ... رسم دار قد تعفى بالسرر١

لأنه موضع يتحرك فيه الحرف في نحو قولك: لم يكن الحق.

وعلة جواز هذا البيت ونحوه مما حذف فيه ما يقوى بالحركة, هي أن هذه الحركة إنما هي لالتقاء٢ الساكنين وأحداث التقائهما ملغاة غير معتدة فكأن النون ساكنة وإن كانت لو أقرت لحركت, فإن لم تقل بهذا لزمك أن تمتنع من إجماع العرب الحجازيين على قولهم: اردد الباب واصبب الماء واسلل السيف. وأن تحتج٣ في دفع ذلك بأن تقول: لا أجمع بين مثلين متحركين. وهذا واضح.

ومن طريف حديث اجتماع السواكن شيء وإن كان في لغة العجم, فإن طريق الحس موضع تتلاقى عليه طباع البشر, ويتحاكم إليه الأسود والأحمر, وذلك قولهم: "آرد " للدقيق٤ و "ماست " للبن٤؛ فيجمعون بين ثلاثة سواكن. إلا أنني لم أر ذلك إلا فيما كان ساكنه الأول٥ ألفًا, وذلك أن الألف لما قاربت بضعفها وخفائها الحركة صارت " ماستْ" كأنها مَسْت.


١ هذا البيت لشاعر جاهلي، اسمه حسيل -بضم الحاء وفتح السين- بن عرفطة وضمير "هاجه" عائد إلى العاشق في بيت قبله. و"وتعفى" أي الرسم، وفي أكتب فوقه "تعفت" أي الدار، وهي رواية. والسرر -بفتحتين- اسم واد يدفع من اليمامة إلى حضرموت. وانظر الخزانة ص٧٢ ج٤ ونوادر أبي زيد الأنصاري ص٧٧. وفيها "على" بدل "سوى". وبعد هذا البيت في ج:
غير الجدة من عرفانه ... خرق الريح وطوقان المطر
٢ كذا في أ، ج، وفي ش: "لانتفاء".
٣ في الأصول: "تجنح" وما أثبته أنسب لقوله: "بأن تقول".
٤ سقطت هاتان العبارتان: "للدقيق" و"اللبن" في أ، وأثبتتا في ش، ب.
٥ أورد الجاربردي في شرحه للشافية ١٥١ مما اجتمع فيه ثلاث سواكن في كلام العجم "كوشت وبيست", والساكن الأول فيهما ليس ألفا. وكرشت -بكاف فارسية- اللحم، وبيست يقابل في العربية اسم العدد عشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>