للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كساء ونحوه قبل إبدال الألف همزة وهو خطا كساا, أو قضاا, فهذا تتوهمه تقديرًا ولا تلفظ به البتة. قال أبو إسحاق يومًا لخصم نازعه في جواز اجتماع الألفين المدتين -ومد الرجل الألف في نحو هذا, وأطال- فقال له أبو إسحاق: لو مددتها إلى العصر ما كانت إلا ألفًا واحدة.

وعلة امتناع ذلك عندي أنه قد ثبت أن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا فلو التقت ألفان مدتان لانتقضت القضية في ذلك؛ ألا ترى أن الألف الأولى قبل الثانية ساكنة وإذا كان ما قبل الثانية ساكنًا كان ذلك نقضًا في الشرط لا محالة. فأما قول أبي العباس في إنشاد سيبويه ١:

دار لسعدى إذه من هواكا

إنه خرج من باب الخطأ إلى باب الإحالة؛ لأن الحرف الواحد لا يكون ساكنًا متحركًا في حال٢، فخطأ عندنا. وذلك أن الذي قال: " إذه من هواك " هو الذي يقول في الوصل: هي قامت, فيسكن الياء، وهي لغة٣ معروفة, فإذا حذفها في الوصل اضطرارًا واحتاج إلى الوقف ردها حينئذ فقال: هي, فصار الحرف المبدوء به غير الموقوف عليه فلم يجب من هذا أن يكون ساكنًا متحركًا في حال وإنما كان قوله: " إذه" على لغة من أسكن الياء لا لغة من حركها من قبل أن الحذف ضرب من الإعلال. والإعلال إلى السواكن لضعفها أسبق منه إلى المتحركات لقوتها. وعلى هذا قبح قوله:


١ انظر الكتاب ١/ ٩.
٢ يريد أن بقاء الضمير المنفصل على حرف واحد يعرضه للسكون عند الوقف عليه والتحريك عند البدء به، وهو عرضة للبدء مع الوقف دائمًا؛ فمن هنا جاءت الاستحالة التي زعمها المبرد. ويرد ابن جني على المبرد بأن الوقف يقضي برد المحذوف؛ فيكون الوقف عليه وتسكينه، فأما الحرف الباقي فلا يعرض له السكون.
٣ هي لغة بعض بني أسد وقيس يقولون: هي فعلت؛ بإسكان الباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>