للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

براهين المهندسين غير أنا نقول: إن علل النحويين على ضربين: أحدهما واجب لا بد منه؛ لأن النفس لا تطيق في معناه غيره. والآخر ما يمكن تحمله إلا أنه على تجشم واستكراه له.

الأول -وهو ما لا بد للطبع منه: قلب الألف واوًا للضمة قبلها, وياء للكسرة قبلها. أما الواو فنحو قولك في سائر: سويئر وفي ضارب: ضويرب. وأما الياء فنحو قولك في نحو تحقير قرطاس وتكسيره: قريطيس وقراطيس. فهذا ونحوه مما لا بد منه؛ من قبل أنه ليس في القوة ولا احتمال الطبيعة وقوع الألف المدة١ الساكنة بعد الكسرة ولا الضمة. فقلب الألف على هذا الحد علته الكسرة والضمة قبلها. فهذه علة برهانية ولا لبس فيها ولا توقف للنفس عنها. وليس كذلك قلب واو عصفور ونحوه ياء إذا انكسر ما قبلها نحو: عصيفير وعصافير؛ ألا ترى أنه قد يمكنك تحمل المشقة في تصحيح هذه الواو بعد الكسرة؛ وذلك بأن تقول عصيفور وعصافور. وكذلك نحو: موسر وموقن وميزان وميعاد لو أكرهت نفسك على تصحيح أصلها لأطاعتك عليه وأمكنتك منه وذلك قولك: موزان وموعاد وميسر وميقن. وكذلك ريح وقيل قد كنت قادرًا أن تقول: قول وروح لكن مجيء الألف بعد الضمة أو الكسرة أو السكون محال ومثله لا يكون. ومن المستحيل جمعك٢ بين الألفين المدتين نحو ما صار إليه قلب لام


١ هذا القيد للاحتراز عن الألف اليابسة، وهي الهمزة، وقد يعبر عن الألف المدة بالألف اللينة.
٢ بعد أن ساق سيبويه مذهب يونس وناس من النحويين في توكيد المسند إلى الاثنين أو نون النسوة بنون التوكيد الخفيفة فيقال عندهم: اضربان زيدا واضربنان زيدا قال: "ويقولون في الوقف اضربا واضربنا فيمدون، وهو قياس قولهم؛ لأنهما تصير ألفا فإذا اجتمعت ألفان مد الحرف، وترى سيبويه يتصور اجتماع ألفين: وفي السيرافي أن الزجاج كان ينكر هذا. وسيشير المؤلف إلى هذا في ص٩٤، وانظر الكتاب ١٥٧/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>