للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتكوينها في الإسلام يقوم على الشورى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} فالمجتمع الإسلامي يجب أن يستشار في تكوين هذه الهيئة. في كل ما يتصل ببنيانها ونظامها ووظائفها وأهدافها، وفي كل ما يتفرع عن الأصول الكلية التي أتى بها الإسلام وليس لهذه الهيئة سيادة على المجتمع بالمعنى المعروف في الفقه الغربي بل السيادة لله وحده. والناس جميعا سواسية، لا سيد ولا مسود فالأمة وحدها مصدر السلطات، والحاكم ملتزم بما تراه الأمة في شئون الحكم؛ لأن الشورى أثرها إلزامي في كل ما يقام من نظم حكومية، والأمة وحدها صاحبة السيادة في ذلك. وإذعان أفرادها لما يصدر عن الهيئة الحاكمة إنما هو إذعان لأمر المجتمع، الذي هو في حقيقته النائب وحده عن الله، وهو في إذعانه هذا يذعن بطريق غير مباشر لأمر الله.

فالسيادة في الإسلام كما يقول الدكتور محمد عبد الله العربي١ "لله وحده لا لملك أو رئيس من البشر على عكس ما زعمه بعض الغربيين من ثيوقراطية الدولة الإسلامية. وليس أدل على ذلك من أن النبي نفسه وهو الذي يلتقى الوحي, ولا ينطق عن الهوى أمره الله بالاستشارة في شئون الدنيا التي يحرص على إسعاد البشر فيها؛ لأنها مزرعة الآخرة إنفاذا لفلسفة الإسلام الشاملة في التوفيق بين المادية والروحية في الإنسان. فقال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} ٢ {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ٢.

وقد اتبع المسلمون هذه المبادئ في إقامة الدولة الإسلامية, فرأينا العالم ينصح الجاهل والكبير يرشد الصغير، والمرءوس يوجه الرئيس، والحاكم يعلم


١ انظر النظم الإسلامية جـ٢ نظام الحكم في الإسلام ص٣٧ وما بعدها للدكتور محمد عبد الله العربي.
٢ سورة آل عمران.
٣ سورة الشورى.

<<  <   >  >>