للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمكنه من اكتساب ما يعينه لا على مجرد الحياة فقط وإنما على تحسين طرائق الحياة ووسائلها والتقدم بها إلى ما هو أفضل.

وفي سنوات حياته الأولى على الرغم من قابليته للتعلم، إلا أنه ينظر إلى الأشياء بمنظاره الشخصي ويقيسها بما يتفق وعواطفه، لا بما تدل عليه من مقدمات ونتائج. وكثيرا ما يعلل المواقف والأفعال بما يتفق وإرادته، ويختار من المحيطات المتعددة والمتنوعة التي ولد فيها ما يرضي عواطفه وينطلق برغباته إلى الغاية التي تصل بين الدافع والفعل، فتمنحه الهدوء والسكينة والرضا.

ولا شك أن ما يحيط بالطفل في تنوعه العقائدي، والأخلاقي والطبيعي والاجتماعي والاقتصادي والصحي وغير ذلك له تأثير كبير في عواطفه وانفعالاته ورغباته التي أشرت إليها. ومن خلالها ينتقل تصوره للأشياء الأبعد مدى في الرؤية والفهم. فإذا ما تقدم به العمرخطوات محسوبة داخل إطار اجتماعي معين أخذ يتغير ويتشكل تبعا للمحيط الذي يدور فيه. ولكن عواطفه تظل صاحبة السيادة على ميوله ورغباته وإن كانت ترتقي بعض الشيء. فبدلا من نسبة الأمور لإرادته ورغبته، ينسبها إلى الأجمل والأكمل، أو إلى والديه وهما في نظره الأجمل والأكمل. فإذا ما سئل عن الضوء أو البحر أو الشجر قال إن وجودها هكذا أجمل، وليس لقوله هذا مقدمات رتبه عليها، وإنما هو تعبير غير مباشر يتفق مع رغباته التي تريد أن يكون كل شيء في حقيقته هو الأجمل والأفضل. وغالبا ما يكون الأب بالنسبة للطفل في هذه الفترة من العمر هو البطل والعالم والقدوة الذي لا يتطرق إليه شك, ولا يخفى عليه أمر من الأمور. فإذا ما تعددت خبرة الطفل وتلونت بألوان مختلفة تتفق وما يدور في محيطه الأسري، وتعدى هو السنة الرابعة من عمره

<<  <   >  >>