للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدأت تعتريه الشكوك فيما كان يراه من أشياء، وفي قدرة الأبوين على معرفة كل شيء، وهنا يبدأ بحثه عن نفسه محاولا الاعتماد عليها، وتتكون لديه نوازع المعرفة والتحليل للأشياء ومناقشتها.

وفي هذه الفترة غالبا ما تكون الأسرة حريصة على أن تعلم الطفل لغتها, وأن تنقل إليه طرائقها في مواجهة الحياة ووسائلها في الحفاظ على البقاء، وعلى مفاهيمها عن المجتمع والدين والمثل العليا وغير ذلك من ميادين الحياة, وبذلك تضع الطفل في قوالب حيوية وفكرية واجتماعية لا يستطيع الطفل مهما حاول أن يخرج عنها؛ لأنها تصبح بالنسبة له جزءا من تكوينه يشابه بناءه العضوي والعضلي، وقد يعمل البعض على تغيير هذه القوالب أو تطويرها، ولكنه يمكث زمنا طويلا في مقاومة ما استقر في وجدانه حتى يستطيع تعديله أو تطويره. وحين ينطلق الطفل خارجا عن دائرة الأسرة ليدخل في دوائر أخرى أوسع وأشمل كالشارع والمدرسة والنادي وغير ذلك من المنظمات الاجتماعية، يجد نفسه وسط مفاهيم ومثل وعادات وتقاليد أخرى يتأثر بها وينطبع بطابعها. فإذا ما اتسعت الدائرة أكثر وانتقل إلى مدينة أخرى أو إلى وطن غير وطنه ووجه بعادات وتقاليد جديدة تأثر بها أيضا، وهكذا يظل في حركته وانطلاقه يأخذ من الحياة ومن الأحياء، حتى إننا في عصرنا الحالي عصر "التلفاز" والصور المرئية من وراء الأرض "القمر" وغيره من الكواكب التي يقوم علماء الفضاء باكتشافها ودراستها. نكاد نقول إن الطفل يتأثر بما يجري في الحياة كلها من عادات ومفاهيم ومثل؛ لأنه يشاهد ذلك أو يسمعه من خلال الأجهزة العلمية الحديثة التي أصبحت الآن منتشرة في كل مكان.

والتي ما إن يستطيع التمييز بين الأشياء والمقارنة بينها حتى يجدها أمامه بكل ما فيها من حسنات أو سيئات, لذلك فإن المجتمع الإسلامي والبيت المسلم في

<<  <   >  >>