وتأخذ منه الرضا والسعادة والثقة. ومن هنا أطلق العرب قديما على المعلم لفظ "المؤدب" لأنه هو الذي يطبع الطفل على العبادات، ويزرع في نفسه العادات، ويغرس في وجدانه طرائق السلوك الأخلاقي. وأدب السلوك في الإسلام مستمد من الدين نفسه علما وعملا، عقيدة وعبادة. ذلك أن الطهارة ركن أول في كل عبادة.
والطهارة منها ظاهرة، ومنها باطنة، منها مادية، ومنها روحية. والعبادات في الإسلام تشمل الجانبين معا؛ لأن جوهر الإسلام الصحيح يجعل الدنيا سبيل الآخرة ولا يحرم زينة الله. وإذا ما نظرنا إلى الوضوء كطهارة، وإلى الغسل كذلك. لرأينا أن تلك الطهارة إنما الراد منها أن يكون العبد طيب الجسد، كما فعل العبادة نفسه يجعله طيب الروح، ففي النية في العبادة طهارة القلب كما في الإعداد لها من نظافة طهارة للجسد. وفي الزكاة طهارة للمال وفي الصوم طهارة للروح، وفي الحج طهارة شاملة للمال والروح والبدن، وتعويد الأطفال من الصغر على العبادات الإسلامية، يطبعهم على طهارة النفس وتصفيتها من شوائب الدنيا. لينطلقوا إلى الحياة بنور الله يهديهم ويدفعهم إلى الحق والفضيلة.
والعبادات تعلم الطاعة والنظام. فالطاعة واجبة بنص الدين على الأبناء للآباء، وعلى الزوجة لزوجها، وعلى المأموم للإمام وعلى المتعلم للمعلم، وعلى الصغير للكبير، وهذا يؤدي إلى تناسق اجتماعي، وإلى بناء نفسية سوية لا تشعر بالضيق والملل من الأوامر والنظم الاجتماعية. والمعلمون والآباء والمؤدبون والناصحون والأئمة حين يقومون بتربية الشعب، صغارا كانوا أم كبارا، إنما يأمرون بما أمر الله به على لسان نبيه، وينهون بما نهى عنه. ولا تصلح تربية بغير طاعة، ولا تقوم جماعة بغير انقياد. ويتعلم المسلمون