للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله تعالى قد بشر من يؤدي الزكاة بالفوز في الدنيا والآخرة, فقال سبحانه في سورة "المؤمنون".

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}

وهذا الجزء الإلهي الذي أعده لمخرجي الزكاة، وتقديره تعالى لفعلهم يرفع الزكاة عن أن تكون إحسانا أو صدقة يتكرم بها الغني على الفقير. إنما هي حق معلوم فرضه الله ليصون كرامة الفقير، فلا يشعر بأنه موضع الصدقة والإحسان، بل صاحب حق قرره الله الذي أعطى هذا ومنع ذاك, وبهذا فإن الزكاة ليست وسيلة لمحاربة الفقر، قدر ما هي وسيلة لمحاربة جرائم الفقر، وليست منحة بقدر ما هي حق، وكل مجتمع تؤدى فيه فريضة الزكاة يشعر بالأمن والمحبة، وتزول منه دواعي الثورات المدمرة، وتمتد يد الفقير خدمة وعملا وجهادا لتنمية مال الغني، ولا تصبح الثروات مالا يكتنز في يد واحدة، بل يصبح خيرا سائلا يشد أزر الجماعة ويبني المجتمع وقد توعد الله من يمنع الزكاة بأشد عقاب وأرهبه، وسماه مكتنزا للمال. قال تعالى في سورة التوبة آية ٣٤:

{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}

والمراد بالكنز في الآية هو كل مال لا تؤدى الزكاة فيه, وإن لم يكن مدفونا في باطن الأرض. وأما الأموال التي تؤدى زكاتها فهي ليست مكنوزة وإن كانت مكنوزة فعلا. وإن كان ذلك أيضا مكروه؛ لأن فيه حبس المال عن المنفعة التي تعود على جميع أفراد الأمة غنيها وفقيرها.

<<  <   >  >>