فالذي يتجه إلى غير الله كما يقول الشيخ شلتوت١:"بالقصد والرجاء لا صوم له، والذي يفكر في الخطايا ويشتغل بتدبير الفتن والمكائد، ويحارب الله ورسوله في جماعة المؤمنين لا صوم له. والذي يطوي قلبه على الحقد والحسد والبغض
لجمع كلمة الموحدين، والعمل على تفريقهم، وإضعاف سلطانهم لا صوم له. والذي يحابي الظالمين، ويجامل السفهاء ويعاون المفسدين لا صوم له. والذي يستغل مصالح المسلمين عامة ويستعين بمال الله على مصالحه الشخصية، ورغباته وشهواته، لا صوم له، وكذلك من يمد يده أو لسانه أو جارحة من جوارحه بالإيذاء لعباد الله أو إلى انتهاك حرمات الله لا صوم له، فالصائم ملاك في صورة إنسان، لا يكذب ولا يرتاب ولا يشي ولا يدبر في اغتيال أو سوء. ولا يخادع، ولا يأكل أموال الناس بالباطل". وفي حديث رسول الله بيان ذلك كله فهو يقول:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" وقوله: "ليس الصيام من الأكل والشرب. وإنما الصيام من اللغو والرفث". ذلك هو صيام المسلمين. الصيام الذي يخلق في المرء الصبر، ويعلمه القدرة على مواجهة الشدائد والمحن ويسلب من بين أنيابه غرائز الشر، ويرفعه فوق ترابيته ليرتقي درجة في عالم الروح، والصبر فضيلة يتعود عليها الإنسان فإن استعملها أصبح قادرا عليها، وبقدرته عليها تهون كل أمور الدنيا؛ لأنه ليس أيسر على الصابر من الحياة نفسها، ولا نعرف شيئا يعادل صبر الإنسان على الجوع والعطش والشهوة، يرى كل هذه الأشياء بين يديه وهو في حاجة إليها، ولكنه لا يقربها إيمانا