للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرض وبائي اكتسح المئات أو الآلاف من بين ملايين الحجاج التي تقصد بيت الله الحرام في كل عام, والفضل في ذلك يرجع إلى النظام الذي حدده الشرع الحكيم للقيام بفريضة الحج، كما يرجع بالدرجة الأولى إلى الإحرام، ذلك الذي يستدعي أن يكون المرء متزرا بإيزار خال من المخيط, ومن الأركان والزوايا التي يمكن أن تلجأ إليها الحشرات التي غالبا ما تكون سببا في نقل الميكروبات والأوبئة إلى جسم الإنسان، وكذلك إلى أنواع النظافة المتعددة التي حددها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعمل بها في حجه فأصبحت سنة يتبعها المسلمون مثل الاغتسال لدخول مكة, ثم لطواف القدوم, ثم للوقوف بعرفة, ثم للوقوف بمزدلفة, ثم ثلاثة أغسال لرمي الجمار الثلاث, ثم لطواف الوداع، أي: تسعة اغتسالات تعقب كل فعل يقوم به الحاج ويؤدي إلى اختلاطه بالناس وتحمله شيئا من الغبار والعرق، ولا شك أن هذه النظافة المتتابعة تقي الحجاج شر الأمراض التي غالبا ما يكون أساسها بعض الإهمال في النظافة. ولو عرف غير المسلمين مدى عناية الإسلام بالنظافة لكان رأيهم في الإسلام والمسلمين غير ما نرى ونسمع في هذه الأيام, ولكن للأسف الشديد نسيان المسلمين لفلسفة دينهم وهجرهم لأحكامه وفضائله هي التي تسيء إلى الإسلام، وتحمل البعض على رميه بالتأخر وعدم مجاراة المدنية الحديثة، وقد رأينا هنا لمحة من ذلك تتعلق بنظافة البدن غير تلك النظافة الأهم التي تتعلق بالخلق حيث الجميع سواء فلا سيد ولا مسود ولا غني ولا فقير. ولا قوي ولا ضعيف، رداء واحد، ونداء واحد، وعمل واحد، واتجاه واحد، وتلك النظافة التي تتعلق بالمبادئ، في التوحيد والتقديس لإله واحد لا شريك له، وفي الاجتماع على كلمة الحق والإخلاص والمحبة بين الناس.

<<  <   >  >>