للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيمة، سواء أكانت على المستوى الجزافي اللاإرادي الذاتي أم على المستوى الإدراكي، إذ يوجد في كل كائن حي إنسان صورة ما أو شكل ما من أشكال أو صور العمل الهادف المفضل الراجع إلى قيمة ما١.

وبنظرة موضوعية إلى التربية الإسلامية نجد أنها في مناهجها وموضوعاتها الإلهية والبشرية تحقق جانبي القيمة الظاهرية والباطنية, فهي تعنى بسلوك الفرد مع نفسه ومع الناس، وتحثه بأداء العبادات على طهارة القلب والنفس والجوارح, وتمنحه الوازع الذي يدفعه إلى التضحية والفداء والصبر. وتقترب به في مثاليتها إلى جوانب الحق والجمال والخير, وتصل به في بعض مواقفها إلى سمو يرفعه فوق ترابيته ويدنيه من عالم الروح, فهي إذن تربية أخلاقية، تنشد الوصول إلى الخلق الكامل عند الفرد المسلم, وتساعده بهذا البناء الأخلاقي على الاهتمام بالجسم والعقل والعلم والعمل, والطفل في حاجة إلى قوة هذه الجوانب جميعها، كما هو في حاجة إلى تربية الخلق والوجدان والإرادة والذوق والشخصية. ولا يمكن أن يحقق المعلم غايته في ذلك, إلا إذا اهتم بالقيم الإسلامية وأبرزها في دروس الدين. وجعلها أمام التلاميذ قيما تتعلق بحياتهم ومستقبلهم حتى يقبلوا عليها برضا وحب، يجعل منها جزءا من وجدانهم وأفكارهم, وقد أشرت إلى ذلك في موضوعات العبادات وتدريسها, وبينت أن الغرض من التربية الإسلامية ليس حشو أذهان التلاميذ بالمعلومات، وتعليمهم من الأشياء ما يعلموا، بل الغرض أن نهذب أخلاقهم، ونربي أرواحهم ونبث فيهم الفضيلة، ونعودهم الآداب السامية، ونعدهم لحياة طاهرة قوامها الإخلاص والعدل والصفاء.

فالهدف الأسمى من التربية الإسلامية هو تهذيب الخلق، وتربية الروح,


١ انظر النفس المنبثقة في المدرسة والبيت ص٤٦٦، ٤٦٧ ل. توماس هوبكنز ترجمة الدكتور محمد على العريان.

<<  <   >  >>