دور الحضانة ورياض الأطفال، التي دعت ظروف عمل الأب والأم ترك أولادهم فيها أكبر فترة من فترات الطفولة المبكرة. ولكننا مع هذا نلاحظ اهتمام الأسر بأطفالهم أكثر مما كانوا يفعلون في الماضي. وأن الطفل لم يعد كما كان مهملا لا يشعر الأبوان به إلا عندما يريدان توفير الطعام والشراب والكساء له. وإنما أصبح عنصرا هاما من عناصر الأسرة، وصارت الأمهات والأباء يعنون عناية شديدة بتعليم الأولاد وتربيتهم. وفي البلاد المتقدمة أصبحت الأبوة والأمومة علماء وفنا يتعلمهما الأباء والأمهات في المدرسة وفي المؤسسات المختصة. وازداد التعاون نتيجة لذلك بين البيت والمدرسة. وصارت المدرسة في الدول المتقدمة تدار من قبل أولياء أمور الطلاب. وبلغ التعاون بين الأهل والمعلمين مبلغا أصبح معه الأهل كلمة مسموعة في وضع المناهج واختيار البرامج وتنظيم خطط الدراسة وتنسيق الفاعليات المدرسية بين العلم والعمل. وهكذا أصبح دور الأسرة في تربية الأبناء أكثر اتساعا وأبعد عمقا مما كان سائدا في المجتمعات البدائية والمتأخرة.
ولذلك اهتم علم النفس بدراسة الطفل ومشاكله وحاجاته الأسرية، وبين أن الطفل دائما في حاجة إلى أن يحب ويحب، في حاجة إلى العطف والرعاية، وإن كثيرا من الاضطرابات العقلية والنفسية التي يصاب بها الطفل إنما ترجع إلى افتقاده للمحبة والعطف. فليس يكفي أن تطعم العائلة وليدها وأن تكسوه وأن توفر له حاجياته المادية، وإنما لا بد لها أولا وقبل كل شيء أن توفر له الحنان والعطف اللذين لا يستطيع أن يحيا بدونهما، والطفل في حاجته للمحبة شديد الحساسية، شعوره بالعدل مرهف، وشعوره بأقل المظالم يتصف بالمرارة، لا فرق في هذا أن يكون حرمانه من العطف على حساب أخيه الأصغر أو الأكبر، على حساب شقيقه أو شقيقته بل وحتى