"عندئذ ينشب في الطفل صراع بين نوازعه الداخلية والمطالب الخارجية التي هي مقاصد وتوقعات الكبار، الذين هم بدورهم يعانون من حالة عدم طمأنينة وحالة قلق في سلوكهم مما ينتج عنه القلق والبلبلة والحيرة التي تسبب له تحويل طاقاته من مجراها الطبيعي الهادف لتحقيق وصيانة وتعلية الذات إلى مجرى شاذ غير طبيعي, قوامه الخنوع والخضوع أو العدوان أو العزلة، والنأي بجانبه والترفع على الآخرين والاستعلاء. وفي تلك البدايات الصغيرة وبوساطة تلك الضغوط والكظوم الملحة تنشأ النفس النيروزية بما تحويه من شعور بالنقص، أو نبذ الذات والنفور منها. أو الطموح الخيالي، أو شعور الانتقام والتربص بالآخرين مع جموح وجنوح بأن تكون كلمته دائما هي العليا، وكلمة غيره هي السفلى، ولكن ما هو أخطر من ذلك ... هو تسلط نازع أو باعث أو دافع جزافي لا يملك حياله دفعا لإشباع حاجاته.. وكثير من الأباء والمربين يسوغون سلوكهم على أساس أنه في صالح الطفل، بينما هو في الحقيقة يمثل اتجاههم الطبيعي في السلوك في مجالات إدراكهم التي تتحكم فيها قيم، قد لقنوها وتقبلوها جزئيا". ومن هذه الأفكار نستطيع أن نتصور دور البيت في تربية الطفل وإعداده إعدادا يتفق وحاجاته الدينية والاجتماعية والنفسية.