على الاعتماد على نفسه. وخوض الحياة بلا خوف ولا عقد، والتي تجعل منه إنسانا اجتماعيا قادرا على الإسهام في بناء مجتمعه والعمل على رقيه وتقدمه، ومهما يصنع الآباء لأولادهم من ثروة أو جاه أو سلطان، لا ينفعهم ذلك كما ينفعهم اعتمادهم على أنفسهم، وقدرتهم على تدبر الأمور الحياة وتخطي عقباتها.
والتربية الإسلامية تهتم بالطفل منذ ميلاده؛ لأنها ترى فيه الفطرة الإنسانية التي تنزع إلى الدين والإيمان، وأن أبواه هما اللذان يؤثران فيه عملا وقولا, وفي الحديث:"كل مولود يولد على الفطرة, وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا}{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} . وقد خلق الله الإنسان متدينا لسليقته وفطرته، ولكن الأسرة هي التي تملي عليه إرادتها وفكرها فينطلق بهما إلى الحياة مؤمنا أو كافرا أو جاحدا أو زنديقا,
والدين عند الأطفال له جوانب خاصة بهم، حيث تجاربهم محدودة، ومعرفتهم قاصرة، وليس في استطاعتهم إدراك الأحكام العقلية، ولكن في استطاعتهم إدراك الأمور المحسوسة. فإذا كان جو الأسرة جوا دينيا تعلموا منه أمور الدين ومواقفه الإنسانية والاجتماعية، وإن كان غير ذلك نزعوا إلى أمور أخرى أبعدتهم عن فطرتهم. ومع ذلك يظل الطفل يفكر في الله سبحانه وتعالى بالطريقة التي تتفق مع فكره ومدركاته، ومن هنا كان دور المدرسة هاما ومؤثرا في تعليم الدين والتمسك به؛ لأنها تعوض النقص الذي قد يوجد في بعض البيوت، ويسبب للطفل صراعا بين فطرته وما يشاهده في بيئته التي يعيش فيها. ذلك الصراع الذي يصفه هوبكنز١ فيقول: