للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفى: صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنيته بكار أبو بكر القاضى البصرى الكبراوى البكراوى بالبصرة سنة اثنتين وثمانين فيما نقله الطحاوى فى تاريخه، تفقه بالبصرة على هلال بن يحيى بن مسلم المعروف بهلال الرأى، وهو من أصحاب الإمام أبى يوسف، وزفر بن الهذيل، وأخذ عنه علم الشروط، سمع أبا داود الطيالسى، ويزيد بن هارون، وأحيا علم البصريين بمصر، وحدث عن عبد الصمد بن عبد الوارث، وصفوان بن عيسى الزهرى، ومؤمل بن إسماعيل، وغيرهم، روى عنه أبو جعفر الطحاوى، فأكثر وبه انتفع وتخرج، وروى عنه أيضًا أبو عوانة فى صحيحه، وأبو بكر ابن خزيمة إمام الأئمة، وأبو داود السجستانى.

وكان بكار من أفقه أهل زمانه فى مذهب أبى حنيفة، وله اتساع فى الفقه وتصانيف، صنف كتاب الشروط، وكتاب المحاضر والسجلات، وكتاب الوثائق والعهود، وهو كبير، وصنفه كتابًا جليلاً، ونقض فيه على الشافعى رده على أبى حنيفة، وسبب تصنيفه لهذا الكتاب ما ذكره أبو محمد الحسن بن زولاق أنه نظر فى مختصر المزنى، فوجد فيه ردًا على أبى حنيفة، فقال لرجلين من شهوده: اذهبا واسمعا هذا الكتاب من أبى إبراهيم المزنى، فإذا فرع منه، فقولا له: سمعت الشافعى يقول ذلك؟ واشهدا عليه به، فمضيا وسمعا من المزنى المختصر وسألاه: أنت سمعت الشافعى يقول ذلك؟ قال: نعم، فعادا إلى القاضى بكار، فشهدا عنده على المزنى أنه سمع الشافعى يقول ذلك، فقال بكار: الآن استقام لنا أن نقول: قال الشافعى، ثم رد على الشافعى فى هذا الكتاب.

وولى بكار قضاء مصر من قبل المتوكل على الله، ودخلها يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة ست وأربعين ومائتين، ولقى محمد بن الليث قاضى مصر كان قبله وهو خارج إلى العراق، فقال له بكار: أنا رجل غريب، وأنت قد عرفت البلد، فدلنى على من أشاوره وأسكن إليه، فقال: عليك برجلين أحدهما عاقل، وهو يونس ابن عبد الأعلى، والآخر زاهد، وهو أبو هارون موسى بن عبد الرحمن، فقال له بكار: صفهما لى، فوصفهما له، فلما دخل مصر أتاه الناس، وجاءه الرجلان، فاختص بهما، وكان يشاورهما فى أموره، فقال يومًا لموسى: يا أبا هارون، من أين المعيشة؟ فقال: من وقف وقفه أبى أتكفى به، ثم قال له موسى: يا أبا بكرة، قد سألتنى وأريد أن أسألك، قال: اسأل، قال: هل ركبك دينٌ بالبصرة؟ قال: لا، قال: فهل لك ولد أو زوجة؟ قال: لا ما نكحت قط، قال: أفلك عيال؟ قال: ما عندى سوى غلامى، قال: أفأكرهك السلطان على القضاء وعرض عليك العقاب؟ قال: لا، قال: أفضربت آباط الإبل من

<<  <  ج: ص:  >  >>