وينقص. انتهى. قلت: هذا ليس بصحيح عن أبى يوسف، وإنما الصحيح عنه أن الإيمان لا يزيد، ولا ينقص، وأن العمل ليس من الإيمان، كما هو مذهب أبى حنيفة، ومحمد، وفيه بحث عظيم يستقصى فى موضعه. وأما غمزة ابن حبان بقوله: وكان يباينهما فى الإيمان والقرآن، ففاسدة؛ لأن البزدوى ذكر فى كتابه، وقال: قد صح عن أبى يوسف أنه قال: ناظرت أبا حنيفة فى مسألة خلق القرآن ستة أشهر فاتفق رأيى، ورأيه أن من قال بخلق القرآن فهو كافر. وصح هذا القول عن محمد، ودلت المسائل المتفرقة عن أصحابنا فى المبسوط، وغيره على أنهم لم يميلوا إلى شىء من مذهب الاعتزال، وإلى سائر الأهواء، وأنهم قالوا بحقيقة رؤية الله تعالى بالأبصار فى دار الآخرة، وحقيقة عذاب القبر لمن شاء، وحقية خلق الجنة، والنار حتى قال أبو حنيفة لجهم: اخرج عنى يا كافر. وقالوا بحقية سائر أحكام الآخرة على ما نطق به الكتاب، والسنة، وهذا فصل يطول تعدده. انتهى.
وكان أبو يوسف سكن بغداد، وتولى القضاء لثلاثة من الخلفاء المهدى، وابنه الهادى، وهارون الرشيد، وكان هارون الرشيد يكرمه، ويجله، وكان عنده حظيًا مكينًا، وهو أول من دعى بقاضى القضاة، ويقال: إنه أول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التى هى عليها فى هذا الزمن، وكان ملبوس الناس قبل ذلك شيئًا واحدًا لا يتيز أحد بلباسه. وقال أبو عمر: ولا أعلم قاضيًا كان إليه تولية القضاء فى الآفاق من المشرق إلى المغرب إلا أبا يوسف فى زمانه، ثم أحمد بن أبى داود فى زمانه. وقال محمد بن طلحة بن جعفر: كان أبو يوسف مشهور الأمر ظاهر الفضل، وهو أفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد فى زمانه، وكان النهاية فى العلم، والحكم، والرياسة، وهو أول من، وضع الكتب فى أصول الفقه على مذهب الإمام أبى حنيفة، وأملى المسائل، ونشرها، وبث علم أبى حنيفة فى أقطار الأرض. وقال هلال بن يحيى: كان أبو يوسف يحفظ التفسير، والمغازى، وأيام العرين، وكان أقل علومه الفقه. وذكر الحضان أنه كان يحفظ عشرين ألف حديثًا منسوخًا، وما نقل من كلامه الحسن ما قاله أبو بكر النقاش: إن عبد الله بن أحمد أخبره عن أبيه قال: سمعت أبا يوسف القاضى يقول: رؤوس النعم ثلاثة فأولها: نعمة الإسلام التى لا يختم بحسن العيش إلا بها، والثانية: نعمة العافية التى لا تطيب الحياة إلا بها. ومن كلامه. الذى ينبغى كتابته بماء الذهب قوله: من طلب الماء بالكيمياء أفلس، ومن تتبع غرائب الحديث كذب، ومن طلب العلم بالكلام تزندق.
ومناقبه، وفضائله كثيرة جدًا، وفى هذا القدر كفاية، ومن أراد الكثرة فعليه بتاريخنا