وقال ابن الأثير: قيل: هو زياد بن أبى سفيان سخمير بن حرث بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، وهو المعروف بزياد بن أبيه، وزياد بن سمية، وهو الذى استلحقه معاوية بن أبى سفيان، وكان يقال له قبل أن يستلحقه: زياد بن عبيد الثقفى، وأمه سمية جارية الحارث بن كلدة، وهو أخو أبى بكرة لا من يكنى أبا المغيرة، ولد عام الهجرة، وقيل: ولد قبيل الهجرة، وقيل: ولد يوم بدر، وليست له صحبة ولا رواية. وفى الميزان: قال ابن أبان فى الضعفاء: ظاهر أحواله المعصية، وقد أجمع أهل العلم على ترك الاحتجاج بمن كان كذلك.
وقال ابن عساكر: لم ير النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأسلم فى عهد أبى بكر وولى العراق لمعاوية. روى عنه ابن سيرين، وعبد الملك بن عمير، وجماعة. انتهى. وقال ابن الأثير: وكان من دهاة العرب والخطباء والفصحاء، واستعمله عمر بن الخطاب على بعض أعمال البصرة. وقيل: استخلفه أبو موسى، وكان كاتبًا له، وكان أحد الشهود على المغيرة بن شعبة مع إخوته أبى بكرة، ونافع، وشبل بن معبد، فلم يقطع بالشهادة، فحدهم عمر، رضى الله عنه، ولم يحده وعزله، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبر الناس أنك لم تعزلنى لحزن، فقال: ما عزلتك لحزن، ولكن كرهت أن أحمل على الناس مضل عقلك.
ثم صار مع على فاستعمله على بلاد فارس، فلم يزل معه إلى أن قتل وسلم الحسن الأمر إلى معاوية، وجعله لخاله ابن أبى سفيان، وكان سبب استلحاقه أن زياد قدم على عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، بشيرًا ببعض الفتوح، فأمره فخطب الناس فأحسن، فقال عمرو بن العاص: لو كان هذا الفتى قرشيًا لساق العرب بعصاه، فقال أبو سفيان: والله إنى لأعرف الذى وضعه فى رحم أمه، فقال على بن أبى طالب، رضى الله عنه: ومن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا، قال على، رضى الله عنه: مهلاً، فلو سمعها عمر لكان سريعًا إليك. ولما ولى زياد بلاد فارس لعلى، رضى الله عنه، كتب إليه معاوية يعرض له بذلك ويتهدده إن لم يطعه، فأرسل زياد الكتاب إلى على، رضى الله عنه، وخطب الناس، وقال: عجبت لابن آكلة الأكباد يتهددنى وبينى وبينه ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى المهاجرين والأنصار. فلما وقف على كتابه على، رضى الله عنه، كتب إليه: إنما وليتك ما وليتك وأنت عندى أهل لذلك، ولن تدرك إلا بالصبر واليقين، وإنما كنت من أبى سفيان فلتة زمن عمر، رضى الله عنه، لا تستحق بها نسبًا ولا ميراثًا، وأن معاوية يأتى المرء من بين يديه ومن خلفه فاحذره، والسلام.
العلم إلى ترك الاحتجاج بمن كان ظاهر أحواله غير طاعة الله تعالى.